وأذل أنفاس الهواء وكل ذي * نفس فمحتاج إلى أنفاسه ".
ثم ختمت الآية الكريمة بقوله- جل شأنه-﴿إن الله قوي عزيز﴾وهذا الختام هو المناسب لإرسال الرسل، ولإنزال الكتب والحديد الذي فيه بأس شديد ونافع للناس.
أي إنه- سبحانه وتعالى- قادر على كل شيء، غالب لكل شيء، وليس له حاجة في أن ينصره أحد من عباده وينصر رسله، بل كلفهم بذلك لينتفعوا به إذا امتثلوا ويحصل لهم ما وعد به عباده المطيعين.
ما ترشد إليه الآية الكريمة
إرسال الرسل وتأييدهم بالمعجزات الدالة على صدقهم.
تبليغ الرسل العدل ونشره بين الناس.
إنزال الحديد إنزالا حقيقيا من السماء إلى الأرض، كما أثبت ذلك العلم الحديث.
الإشارة إلى قوة الحديد الشديدة، ومنافعه الكثيرة، في شتى شئون الحياة.
إن نعم الله-عز وجل- ينبغي أن تقابل بالشكر، وأن تستعمل فيما خلقت له.
إتصاف الله-عز وجل- بالقوة والعزة، فبهما أرسل الرسل، وأنزل الكتب والحديد.
إرسال نوح وإبراهيم -عليهما السلام-.
قال الله تعالى:
﴿ ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون*ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون﴾.(١)
مناسبة النص لما قبله
لما ذكر تعالى إرسال الرسل جملة، أ فرد منهم في هذه الآية نوحا وإبراهيم- عليهما السلام- تشريفا لهما بالذكر، أما نوح، فلأنه أول الرسل إلى من في الأرض، وأما إبراهيم، فلأنه انتسب إليه أكثر الأنبياء – عليهم السلام- وهو معظم في كل الشرائع، ثم ذكر أشرف ما حصل لذريتهما، وذلك النبوة، وهى آلتي بها هدي الناس من الضلال.(٢)
[أي هو من ذكر الخاص بعد العام].
تحليل المفردات والتراكيب:
قوله تعالى: ﴿ ولقد أرسلنا نوحا﴾
" تكرير القسم هنا: لإظهار مزيد الاعتناء بالأمر، أي وتاالله :﴿ لقدأرسلنا نوحا وإبراهيم... إلخ﴾
ونوح- هوالأب الثاني لجميع البشر، وإبراهيم أبو العرب، والروم، وبني إسرائيل.
وقوله:﴿وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب﴾الكتاب : يعني الكتب الأربعة، التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان"(٣)

(١) الآيتان الكريمتان: ٢٦و٢٧، من السورة الكريمة.
(٢) البحر المحيط١٠/١١٤و١١٥. و فتح القدير ج: ٥ ص: ١٧٨.
(٣) الجمل على الجلالين٤/٢٩٥، وفتح القدير ج: ٥ ص: ١٧٨.


الصفحة التالية
Icon