الذي رواه أبو موسى الأشعري- رضي الله عنه- عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:﴿ ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي، فله أجران، وعبد مملوك أدى حق الله وحق مولاه، فله أجران، ورجل أدب أمته فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران﴾.(١)
ووافق على هذا التفسير: ابن عباس، والضحاك، ،وغيرهما وهو اختيار ابن جرير الطبري في تفسيره.
وقال آخرون: الخطاب للمؤمنين من هذه الأمة، ومعنى آمنوا برسوله : أي اثبتوا على ذلك ودوموا عليه.
وقد نقل العلامة الآلوسي حجة القائلين بهذا القول فقال:(٢) "قد استظهر أبو حيان كون الخطاب لمن آمن من أمته- صلى الله تعالى عليه وسلم- غير أهل الكتاب والآثار تؤيد ذلك.
أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قالا : إن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فشهدوا معه أحدا فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا يا رسول الله إنا أهل ميسرة فأذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله تعالى فيهم الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله سبحانه أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا فجعل لهم أجرين فلما نزلت هذه الآية قالوا يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله كأجوركم فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا الآية أي رادا عليهم قولهم ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم.
والتحقيق- كما يقول صاحب أضواء البيان(٣):" أن هذه الآية الكريمة من سورة الحديد في المؤمنين من هذه الأمة، وأن سياقها واضح في ذلك، وأن من زعم من أهل العلم أنها في أهل الكتاب فقد غلط، وأن ما وعد الله به المؤمنين من هذه الأمة أعظم مما وعد به مؤمنى أهل الكتاب وإتيانهم أجرهم مرتين كما قال تعالى :﴿الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون*وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين *أولئك يؤتون أجرهم مرتين...﴾الآية.
(٢) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٩٣، وانظر: فسير الثعالبي ج: ٤ ص: ٢٧٤.
(٣) أضواء البيان(١) ٧/٨١٦.