وقوله تعالى:﴿ ليلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله ﴾الآية
المراد بالفضل: (١) " ما آتاه المسلمين وخصهم به، لأنهم كانوا يرون أن الله فضلهم على جميع الخلق، فأعلمهم الله- حل ثناؤه- أنه قد آتى أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- من الفضل والكرامةمالم يؤتهم، ليعلموا أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله، فضلا عن أن يتصرفوا في أعظمه، وهو النبوة، فيخصوا بها من أرادوا، وأن الضل بيد الله دونهم، ودون غيرهم من الخلق، يؤتيه من يشاء من عباده ".
وقال الإمام الشوكاني:(٢)
المراد بالفضل هنا:" ما تفضل به على الذين أتقوا وآمنوا برسوله من الأجر المضاعف.
وقال الكلبي: هو رزق الله، وقيل: نعم الله التي لا تحصى: وقيل: هو الإسلام".
وقوله تعالى:﴿ لئلا يعلم أهل الكتاب﴾ متعلق بمضمون الجملة الطلبية المتضمنة لمعنى الشرط، إذ التقدير: ان تتقوا الله وتؤمنوا برسوله، يؤتكم كذا وكذا لئلا يعلم الذين لم يسلموا من أهل الكتاب، أى ليعلموا، و(لا) مزيدة كما ينبىء عنه قراءة: ليعلم، ولكى يعلم، ولأن يعلم، بإدغام النون في الياء، و(أن) في قوله تعالى :﴿أن لايقدرون على شيء من فضل الله﴾ مخففة من الثقيلة، واسمها الذى هو ضمير الشأن محذوف، والجملة في حيز النصب، على أنها مفعول يعلم، أى ليعلموا انه لا ينالون شيئا مما ذكر من فضله من الكفلين والنور والمغفرة، ولا يتمكنون من نيله حيث لم يأتوا بشرطه، الذى هو الإيمان برسوله.(٣)
وقوله تعالى وأن الفضل بيد الله عطف على أن لا يقدرون داخل معه في حيز العلم
وقوله سبحانه :﴿ يؤتيه من يشاء﴾ خبر ثان لأن، أو هو الخبر، وما قبله على ما قيل حال لازمة أو استئناف.
وقوله عز وجل :﴿ والله ذو الفضل العظيم﴾اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله.(٤)
﴿وأن الفضل بيد الله﴾ ليس بأيديهم فيصرفون النبوة عن محمد – صلى الله عليه وسلم- إلى من يحبون، وقيل : إن الفضل بيد الله، أي هو يؤتيه من يشاء
(٢) فتح القدير ج: ٥ ص: ١٧٩.
(٣) تفسير أبي السعود ج: ٨ ص: ٢١.
(٤) روح المعاني ج: ٢٧ ص: ١٩٤.