فتقوى الله-عز وجل-هي جماع الخيرات وحصون البركات، وما من خير عاجل ولا آجل ولا ظاهر ولا باطن إلا والتقوى موصلة إليه، ووسيلة له، ودليل عليه وما من شر عاجل ولا آجل ولا ظاهر ولا باطن إلا والتقوى حرز منه حصين
وهي وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى: ﴿ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله...﴾(١)
ولذلك كانت التقوى هي دعوة الأنبياء وشعار الأولياء، فكل نبي يقول لقومه :﴿ألا تتقون﴾.(٢)
والتقوى في أصلها: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخاف ويحذر وقاية.
ويفسر لنا الإمام علي - رضي الله عنه- التقوى بقوله :" التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل"
والتقي من عباد الله ذو ضمير مرهف، وخشية مستمرة، وحذر دائم يتوقى أشواك الطريق.
وفي كتاب ربنا- تبارك وتعالى- نعوت لأهل التقوى، وإشادة بذكرهم، ورفعة من شأنهم، وإطناب في وصفهم.
فالمتقون في كتاب الله هم:﴿ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون* والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون﴾.(٣)
والمتقون في كتاب الله هم:﴿من آمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعدهم إذا عهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون﴾.(٤)
والمتقون في كتاب الله هم :﴿الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين* والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اله فاستغفروا لذنوبه ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون﴾.(٥)
والتقوى تفتح مغاليق القلوب، قال تعالى: ﴿واتقوا الله ويعلمكم الله﴾ البقرة
و بالتقوى تنشرح الصدور، كما قال –سبحانه- هنا :﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتيكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم ﴾.
(٢) انظر الآيات: ١٠٦و١٢٤و١٤٢و١٦١و١٧٧/ من سورة الشعراء، والآية١٢٤ من سورة الصافات.
(٣) الآيتان: ٣و٤ من سورة البقرة.
(٤) من الآية/١٧٧، من سورة البقرة.
(٥) الآيتان/١٣٤و١٣٥، من سورة آل عمران.