ثم هذه العلوم ما عددناها وما لم نعدها ليست أوائلها خارجة عن القرآن، فان جميعها مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى، وهو بحر الأفعال.. وقد ذكرنا أنه بحر لا ساحل له وأن البحر لو كان مدادا لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد فمن أفعال الله تعالى وهو بحر الأفعال، مثلا الشفاء والمرض، كما قال الله تعالى حكاية عن ابراهيم عليه السلام : ؟ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ؟(الشعراء : ٨٠ ) وهذا الفعل الواحد لا يعرفه الا من عرف الطب بكماله، إذ لا معنى للطب الا معرفة المرض بكماله وعلاماته ومعرفة الشفاء وأسبابه ؛ ومن أفعاله تبارك وتعالى تقدير معرفة الشمس والقمر ومنازلهما بحسبان وقد قال الله تعالى: الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ؟(الرحمن : ٥ ).. وقال : ؟ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ؟ (يونس : ٥ ).. وقال: ؟ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ؟(القيامة : ٩ ) وقال : ؟ (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ؟(الحديد : ٦ ) وقال : ؟ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ؟ (يس : ٣٨ )... ولا يعرف حقيقة سير الشمس والقمر بحسبان وخسوفهما وولوج الليل في النهار وكيفية تكور أحدهما على الآخر إلا من عرف هيئات تركيب السموات والأرض، وهو علم برأسه ولا يعرف كمال معنى قوله تعالى : ؟ َيا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ؟ (الإنفطار : ٦ - ٨ ) إلا من عرف تشريح الأعضاء من الانسان ظاهرا وباطنا وعددها وأنواعها وحكمتها ومنافعها وقد أشار في