فاقطع طمعك عن هذا بالمكاتبة والمراسلة ولا تطلبه الا من باب المجاهدة والتقوى فالهداية تتلوها وتثبتها كما قال الله تعالى : ؟ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ؟ (العنكبوت : ٦٩ ) وقال رسول الله ﷺ : من عمل بما علم أورثه الله علم ما لا يعلم... واعلم يقينا أن أسرار الملكوت محجوبة عن القلوب الدنسة بحب الدنيا التي استغرق أكثر هممها طلب العاجلة وانما ذكرنا هذا القدر تشويقا وترغيبا ولننبه به على سر من أسرار القرآن من غفل عنه لم تفتح له أصداف القرآن عن جواهره البتة... ثم ان صدقت رغبتك شمرت للطلب واستعنت فيه بأهل البصيرة واستمددت منهم فما أراك تفلح لو استبددت فيه برأيك وعقلك وكيف تفهم هذا وأنت لا تفهم لسان الأحوال بل تظن أنه لا نطق في العالم الا بالمقال فلم تفهم معنى قوله تعالى : ؟ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ؟(الإسراء : ٤٤ ).. ولا قوله تعالى : ؟ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ؟(فصلت : ١١ ).. ما لم تقدر للأرض لسانا وحياة ولا تفهم أن قول القائل قال الجدار للوتد لم تنقبني قال سل من يدقني فلم يتركني ورأى الحجر الذي يدقني ولا تدري أن هذا القول صدق وأصح من نطق المقال فكيف تفهم ما وراء هذا من الأسرار ؟
الفصل التاسع : في التنبيه على الرموز والاشارات التي يشتمل عليها القرآن