لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ؟(فاطر : ٢ )
الفصل الحادي عشر : في كيف يفضل بعض آيات القرآن على بعض مع أن الكل كلام الله تعالى
لعلك تقول قد توجه قصدك في هذه التنبيهات الى تفضيل بعض القرآن على بعض، والكل قول الله تعالى، فكيف يفارق بعضها بعضا ؟ وكيف يكون بعضها أشرف من بعض؟ فاعلم أن نور البصيرة ان كان لا يرشدك الى الفرق بين آية الكرسي وآية المداينات وبين سورة الإخلاص وسورة تبت، وترتاع من اعتقاد الفرق نفسك الجوارة المستغرقة بالتقليد فقلد صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه فهو الذي أنزل عليه القرآن، وقد دلت الأخبار على شرف بعض الآيات وعلى تضعيف الأجر في بعض السور المنزلة.. فقد قال ﷺ : فاتحة الكتاب أفضل القرآن.. وقال : آية الكرسي سيدة آي القرآن.. وقال: يس قلب القرآن... وقل هو الله احد تعدل ثلث القرآن... والأخبار الواردة في فضائل قوارع القرآن بتخصيص بعض الآيات والسور بالفضل وكثرة الثواب في تلاوتها لا تحصى فاطلبه من كتب الحديث ان أردته وننبهك الآن على معنى هذه الأخبار الأربعة في تفضيل هذه السور وان كان ما مهدناه من ترتيب أقسام القرآن وشعبه ومراتبه يرشدك الله ان راجعته وفكرت فيه فانا حصرنا أقسام القرآن وشعبه في عشرة أنواع...
الفصل الثاني عشر: في أسرار الفاتحة وبيان جملة من حكم الله في خلقه