-٣ وأما الأفعال فبحر متسعة أكنافه ولا تنال بالاستقصاء أطرافه بل ليس في الوجود الا الله وأفعاله وكل ما سواه فعله لكن القرآن يشتمل على الجلي منها الواقع في عالم الشهادة كذكر السموات والكواكب والأرض والجبال والشجر والحيوان والبحار والنبات وانزال الماء الفرات وسائر أسباب النبات والحياة وهي التي ظهرت للحس وأشرف أفعاله وأعجبها وأدلها على جلالة صانعها ما لم يظهر للحس بل هو من عالم الملكوت وهي الملائكة والروحانيات والروح والقلب أعني العارف بالله تعالى من جملة أجزاء الآدمي فانهما أيضا من جملة عالم الغيب والملكوت وخارج عن عالم الملك والشهادة ومنها الملائكة الأرضية الموكلة بجنس الانس وهي التي سجدت لآدم عليه السلام ومنها الشياطين المسلطة على جنس الإنس وهي التي امتنعت عن السجود له ومنها الملائكة السماوية وأعلاهم الكروبيون وهم العاكفون في حظيرة القدس لا التفات لهم الى الآدميين بل لا التفات لهم الى غير الله تعالى لاستغراقهم بجمال الحضرة الربوبية وجلالها فهم قاصرون عليه لحاظهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون ولا تستبعد أن يكون في عباد الله من يشغله جلال الله عن الالتفات الى آدم وذريته ولا يستعظم الآدمي الى هذا الحد فقد قال رسول الله ﷺ :" ان لله أرضا بيضاء مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوما مثل أيام الدنيا ثلاثين مرة مشحونة خلقا لا يعلمون أن الله تعالى يُعصى في الأرض ولا يعلمون أن الله تعالى خلق آدم وإبليس" رواه ابن عباس رضي الله عنه.. واستوسع مملكة الله تعالى...


الصفحة التالية
Icon