واعلم أن اكثر أفعال الله وأشرفها لا يعرفها أكثر الخلق بل إدراكهم مقصور على عالم الحس والتخييل وأنهما النتيجة الأخيرة من نتائج عالم الملكوت وهو القشر الأقصى عن اللب الأصفى ومن لم يجاوز هذه الدرجة فكأنه لم يشاهد من الرمان الا قشرته ومن عجائب الانسان الا بشرته فهذه جملة القسم الأول وفيها أصناف اليواقيت وسنتلو عليك الآيات الواردة فيها على الخصوص جملة واحدة فإنها زبدة القرآن وقلبه ولبابه وسره...
القسم الثاني: في تعريف طريق السلوك الى الله تعالى
وذلك بالتبتل كما قال الله تعالى : ؟ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ؟(المزّمِّل : ٨ ) ؛ أي انقطع إليه، والانقطاع إليه يكون بالاقبال عليه والإعراض عن غيره؛ وترجمته قوله: ؟ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) ؟ (المزّمِّل : ٩ ) والإقبال عليه إنما يكون بملازمة الذكر، والإعراض عن غيره يكون بمخالفة الهوى والتنقي عن كدورات الدنيا وتزكية القلب عنها، والفلاح نتيجتها، كما قال الله تعالى: ؟ قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) ؟ (الأعلى : ١٥ )