تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين وله ما سأل فإذا قال العبد ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ قال: حمدني عبدي وإذا قال: ﴿الرحمن الرحيم﴾ قال: أثنى عليّ عبدي، ثم قال: هذا لي وله ما بقي،.. وهذا غريب من هذا الوجه....
الكلام على ما يتعلق بهذا الحديث
مما يختص بالفاتحة من وجوه :
(أحدها) أنه قد أطلق فيه لفظ الصلاة، والمراد القراءة كقوله تعالى: ﴿ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً﴾ أي بقراءتك كما جاء مصرحاً به في الصحيح عن ابن عباس، وهكذا قال في هذا الحديث "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل" ثم بين تفضيل هذه القسمة في قراءة الفاتحة فدل على عظمة القراءة في الصلاة، وأنها من أكبر أركانها إذا أطلقت العبادة أريد بها جزء واحد منها. هو القراءة كما أطلق لفظ القراءة والمراد به الصلاة في قوله: ﴿وقرآن الفجر، إن قرآن الفجر كان مشهوداً﴾ والمراد صلاة الفجر كما جاء مصرحاً به في الصحيحين: "أنه يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار" فدل هذا كله على أنه لا بد من القراءة في الصلاة وهو اتفاق من العلماء، ولكن اختلفوا في مسأله نذكرها في الوجه الثاني، وذلك أنه هل يتعين للقراءة في الصلاة فاتحة الكتاب أم تجزىء هي أو غيرها ؟ على قولين مشهورين فعند أبي حنيفه ومن وافقه من أصحابه وغيرهم، أنها لا تتعين بل مهما قرأ من القرآن أجزأه في الصلاة واحتجوا بعموم قوله تعالى: ﴿فاقرءوا ما تيسر من القرآن﴾ وبما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة في قصة المسيء في صلاته أن رسول الله ﷺ قال له: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسّر معك من القرآن" قالوا فأمره بقراءة ما تيسر ولم يعين له الفاتحة ولا غيرها فدل على ما قلنا.