[وقوله]* ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ﴾ فرفع هذا لانه كُلَّ ما كان من الفعل على "يَفْعَلُ هو" و"تَفْعَل أنت" و"أَفْعلٌ أَنا" و"نَفْعَلُ نَحن" " فهو أبداً مرفوع لا تعمل فيه الا الحروف التي ذكرت لك من حروف النصب او حروف الجزم والامر والنهي [٥٦ب] والمجازاة. وليس شيء من ذلك ها هنا وانما رفع لموقعه في موضع الأسماء. ومعنى هذا الكلام حكاية، كأنه قال: "اِسْتَحْلَفْناهُم لا يَعْبُدون" أي: قُلْنا لَهُم: "واللّهِ لا تُعْبَدوْنَ"، وذلك أنها تقرأ ﴿يَعْبُدون﴾ و﴿تَعْبُدون﴾. قال ﴿وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ﴾ ﴿لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ﴾ فإن شئت جعلت "لا يَسَّمَّعُون" مبتدأ وإنْ شئت قلت: هو في معنى "أنْ لا لا يَسَّمَّعُوا" فلما حذفت "أنْ" اِرتفع، كما تقول: "أَتَيْتُكَ تُعْطِيني وتُحْسِنُ إِلَيَّ وتَنْظُرُ في حاجتي" ومثله "مُرْهُ يُعطِيني" إنْ شئت جعلته على "فَهْوَ يُعطِيني" وإنْ شئت على "أَنْ يُعطِيني". فلما أَلْقَيْتَ "أَنْ" ارتفع. قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد السابع بعد المئة]:
أ لا أَيُّهذا الزاجِرِي احضر الوغي * وأَنْ أَتْبَعَ اللَّذَّاتِ هَلْ انت مُخْلِدِي
فـ"أَحْضُرَ" في معنى" أَنْ أُحْضُرَ".
﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤلاء تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الّعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾


الصفحة التالية
Icon