وقال بعضهم: "فتحوا الحروف التي للهجاء اذا لقيها الساكن [١٠ب] ليفصلوا بينها وبين غيرها. وقالوا: "مِنَ الرجل" ففتحوا لاجتماع الساكنين. ويقولون: "هلِ الرجل" و "بلِ الرجل" وليس بين هذين وبين "من الرجل" فرق، الا انهم قد فتحوا "مِنَ الرجل" لئلا تجتمع كسرتان، وكسروا ﴿إِذِ الظَّالِمُونَ﴾. وقد اجتمعت كسرتان لان "مِنْ اكثر استعمالا في كلامهم من "إذْ"، فادخلوها الفتح ليخف عليهم. وان شئت قلت "ألم" حروف منفصل بعضها من بعض، لأنه ليس فيها حرف عطف، وهي ايضاً منفصلة مما بعدها، فالاصل فيه ان تقول ﴿الم ألله﴾ فتقطع ألف ﴿ الله﴾ اذا كان ما قبله منفصلا منه كما قلت "واحد، إثنان" فقطعت. وكما قرأ القراء ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ فبينوا النون لانها منفصلة. ولو كانت غير منفصلة لم تبين الا ان يلقاها أحد الحروف الستة. الا ترى انك تقول " خذه من زيد" و "خذه من عمرو" فتبين النون في "عمرو" ولا تبين في "زيد". فلما كانت ميم ساكنة وبعدها حرف مقطوع مفتوح جاز أن تحرك الميم بفتحة الالف وتحذف الالف في لغة من قال "منَ ابوك" فلا تقطع. وقد جعل قوم (نون) بمنزلة المدرج فقالوا ﴿نونَ والقلمِ﴾ فاثبتوا النون ولم يبينوها. وقالوا ﴿يس وَالْقُرْآنِ﴾ فلم يبينوا ايضاً. وليست * هذه النون ها هنا بمنزلة قول ﴿كهيعص﴾ و﴿طس تِلْكَ﴾ و﴿حم عسق﴾ [فـ] هذه النونات لا تبين في القراءة في قراءة أحد، لان النون قريبة من الصاد، لأن الصاد والنون من مخرج طرف اللسان. وكذلك التاء والسين في ﴿طس تِلْكَ﴾ وفي ﴿حم عسق﴾، فلذلك لم تبين النون اذ قربن منها. وتبينت النون في ﴿يس﴾ و﴿نون﴾ لبعد النون من الواو لان النون بطرف اللسان والواو بالشفتين.
﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾