فحذف النون. ولو قرئت ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونِّ﴾ بتثقيل النون كان جيدا ولم اسمعه، كأن النون أدغمت وحذفت الياء كما تحذف من رؤوس الاي نحو ﴿بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ﴾ يريد "عذابي". وأما قوله ﴿فَظِلتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾ فانها انما كسر أولها لأنه يقول: "ظَلِلْتُ" فلما ذهب أحد الحرفين استثقالا حولت حركته على الظاء. قال أوس بن مغراء: [من البسيط وهو الشاهد الرابع والسبعون بعد المئة]:
مِسْنَا السَّماءَ فَنِلْناها وَطَالَهُمُ * حَتَّى رَأَوْا أُحُداً يَهْوِي وَثَهْلانا
لأنها من "مَسَسْتُ" وقال بعضهم ﴿ فَظَلْتُم﴾ ترك الظاء على فتحتها وحذف احد اللامين، ومن قال هذا قال "مَسْنا السماءَ". وهذا الحذف* ليس بمطرد، وإنما حذف من هذه الحروف التي ذكرت لك خاصة ولا يحذف الا في موضع لا تحرك فيه لام الفعل، فاما الموضع الذي تحرك فيه لام الفعل فلا حذف فيه.
﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَآ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً ﴾
قال ﴿شِقَاقَ بَيْنِهِمَا﴾ فأضاف الى البين لأنه قد يكون اسما [٩٦ب] قال ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنُكُمْ﴾ بالضم. ولو قال ﴿شِقَاقاً بَيْنَهما﴾ في الكلام فجعل البَيْن ظرفا كان جائزا حسنا. ولو قلت ﴿شِقاقَ بينَهما﴾ تريد ﴿ما﴾ وتحذفها جاز، كما تقول ﴿تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ تريد ﴿ما﴾ التي تكون في معنى شيء. وقال ﴿تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾. وتقول "بينَهُما بَوْنٌ بَعِيدٌ" تجعلها بالواو وذلك بالياء. ويقال: "بينَهما بَيْنٌ بَعيدٌ" بالياء.
المعاني الواردة في آيات سورة ( النساء )