وليس قوله ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ لانه شك، ولكنه قال هذا ليقبّح صنيعهم كما تقول: "ألستَ الفاعلَ كذا وكذا" ليس تستفهم انما توبخّه. ثم قال ﴿بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ﴾. ومثل هذا في القرآن كثير، قال ﴿فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ [١٥ء] بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ﴾ ثم قال ﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ﴾ [و] ** ﴿أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ﴾ كل هذا على استفهام الاستئناف. وليس لـ"أَمْ" غير هذين الموضعين لانه اراد أن ينبه، ثم ذكر ما قالوا عليه يعني النبي صلى الله عليه وسلم ليقبح ما قالوا عليه، نحو قولك للرجل "ألْخَيْرُ أَحَبُّ إلَيكَ أَمْ الشَرّ"؟ وأنت تعلم انه يقول "الخير" ولكن أردت أن تقبح عنده ما صنع. وأما قوله ﴿وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً﴾ فقد نهاه عن الآثم والكفور جميعا. وقد قال بعض الفقهاء: :"إنَّ" "أوْ" تكون بمنزلة الواو وقال [من المتقارب وهو الشاهد السادس عشر]:
يُهِينُونَ من حقَروا شَأيَهُ * وإنْ كانَ فيهِمْ يَفِي أو يَبَرّ