يقول: "يَفِي وَيَبرّ". وكذلك هي عندهم ها هنا وانما هي بمنزلة "كلُ اللحمَ أو التمرَ" اذا رخصت له في هذا النحو. فلو أكل كله أو واحدا منه لم يعص. فيقع النهي عن كل ذا في هذا المعنى فيكون ان ركب الكل او واحداً [قد] عصى. كما كان في الامر ان صنع واحداً أطاع. وقال ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ ومعناه "ويزِيدُونَ" ومخرجها في العربية انك تقول: "لا تجالسْ زيداً أو عمراً أَوْ خالِداً" فإنْ أَتى واحداً منهم أو كُلَّهُم كانَ عاصياً. كما أَنَكَ إذا قلت: "إِجْلِس الى فلان أو فلان [١٥ب] أوْ فلان "فجلس الى واحد منهم أَوْ كلِهِّم كان مطيعا. فهذا مخرجه من العربية. وأرى الذين قالوا: "إنَّما" أو "بمنزلة الواو" انما قالوها لأنهم رأوها في معناها. واما ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ فانما يقول ﴿أَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ﴾ عِنْد الناس "، ثم قال ﴿أَوْ يَزِيدُونَ﴾ عند الناس" لأنّ الله تبارك وتعالى لا يكون منه شكّ. وقد قال قوم" إنَّما "أو" ها هنا بمنزلة "بل" وقد يقول الرجل "لأَذْهَبَنَّ إلى كَذا وكَذا" ثم يبدو له بعدُ فَيَقولَ "أَوْ أَقْعُد" فقال ها هنا ﴿أَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ﴾ عند الناس" ثم قال ﴿أَوْ يَزيدون﴾عند الناس" اي ان الناس لا يشكون أنهم قد زادوا. والوجه الآخر هكذا. أي "فكذا حال الناس فيهم "أي: ان الناس يشكون فيهم. وكذا حال "أم" المنقطعة ان شئت جعلتها على "بل" فهو مذهب حسن. وقال مُتَمِّم بن نويرة [من الوافر وهو الشاهد السابع عشر]:
فلو كانَ البكاءُ يردُّ شيئاً * بكَيْتُ على جُبَيْرٍ أو عِفاقٍ
على المَرْأَيْنِ إذْ هَلَكا جميعا * بشأنهما وحزنٍ واشتياق
وقال ابنُ أحمر [من الطويل وهو الشاهد الثامن عشر]:
فقلتُ البِثي شَهْرَيْنِ أَوْ نِصْفَ ثالثٍ * إلى ذاكَ ما قَد غَيَّبتَنِي غِيابِيا