[١٧ب] وقال ﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ فـ"ما" ها هنا اسم ليست له صلة لانك ان جعلت ﴿يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ صلة لـ(ما) صار كقولك: "إنّ اللهَ نِعْمَ الشيء" أو "نعم شيئا" فهذا ليس بكلام. ولكن تجعل (ما) اسما وحدها كما تقول: "غَسَلتُه غَسْلاً نِعِمّا" تريد به: "نِعْمَ غَسْلاً". فان قيلَ: "كيفَ تكونُ (ما) اسما وحدها وهي لا يتكلم بها وحدها" قلتُ: "هي بمنزلة "يا أيُّها الرجل" لان "ايا" ها هنا اسم ولا يتكلم به وحده حتى يوصف فصار (ما) مثل الموصوف ها هنا. لانك اذا قلت "غَسَلتُه غَسْلاً نِعِمّا" فانما تريد المبالغة والجودة، فاسنغني بهذا حتى تكلم به وحده. ومثل "ما أَحْسَنَ زيدا" (ما) ها هنا وحدها اسم وقوله "اني مما ان اصنع كذا وكذا" (ما) ها هنا وحدها اسم كأنه قال: "إنّي مِن الأمر" أو "منْ أَمْري صنيعي كذا وكذا" ومما جاء على المعنى قوله "كَمَثلِ الذي استوقدَ ناراً أَضاءَتْ ما حولَهُ ذهبَ الله بنورِهِم}[١٧] لان "الذي" يكون للجميع، كما قال ﴿وَالَّذِي جَآءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾.
المعاني الواردة في آيات سورة ( البقرة )
﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾
أما قوله ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ ولا تكون المفاعلة الا من شيئين فانه إنمّا يقول: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ﴾ عند أنفسهم يمنونها ان لا يعاقبوا وقد علموا خلاف ذلك في انفسهم" [١٨ء] ذلك لحجة الله الواقعة على خلقه بمعرفته.