انما يريد "وشر المنايا منية ميّت وسط اهله، ومثله: "اكثرُ شربي الماءُ" و "أكثر أكلي الخبرُ" وليس أكلك بالخبز ولا شربك بالماء. ولكن تريد اكثر اكلي اكل الخبز وأكثر شربي شرب الماء. قال ﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾ يريد: "أهل القرية"، (والعِيرَ) أي: "واسأل اصحابَ العِير" [٢٣ب]. وقال ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ﴾ فانما هو - و الله اعلم - "مثَلُكُم ومثلُ الذين كَفَروا كمثلِ الناعِقِ والمنعوقِ بهِ". فحذف هذا الكلام، ودل ما بقي على معناه. ومثل هذا في القرآن كثير. وقد قال بعضهم ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ﴾ يقول "مثلُهم في دعائِهم الآلهةَ كمثلِ الذي ينعِق بالغَنَم" لان - الهتهم لا تسمعُ ولا تعقل، كما لا تسمع الغنم ولا تعقل.
﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ ﴾
قوله ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً﴾ فهو في معنى "أَوْقَد"، مثل قوله "فلم يستجبه" أي "فلم يُجِبْهُ" وقال الشاعر:
[من الطويل وهو الشاهد السابع والعشرون]:
وداعٍ دعا يا من يُجيبُ الى النَدى * فلم يَستَجِبْهُ عندَ ذاك مُجيبُ
أي: "فلم يُجِبْهُ".
وقال ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ﴾ فجعل (الذي) جميعا فقال (وتَرَكَهم)* لان "الذي" في معنى الجميع، كما يكون "الانسان" في معنى "الناس".