وقوله ﴿قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ و﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ فأجراه على اللفظ حتى صار جوابا للامر. وقد زعم قوم ان هذا انما هو على "فَلْيَغْفِروا" و"قُلْ لَعِبادي فَليَقولوا" وهذا لا يضمر كله يعني الفاء واللام. ولو جاز هذا [لَـ] جاز قول الرجل: "يَقُمْ زَيْدٌ"، وهو يريد "لَيَقُمْ زَيْدٌ". وهذا الكلمة أيضاً أمثل لانك لم تضمر فيها الفاء مع اللام.
وقد زعموا ان اللام قد جاءت مضمرة، قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الخمسون]:
مُحَمَّدُ تَفْد نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ * إذا ما خِفْتَ من شَيْءٍ تَبالا
يريد: "لِتَفْدِ"، وهذا قبيح. وقال: "تَقِ اللّهَ امرُؤٌ فعل كذا وكذا" ومعناه: "ليَتَّق اللّهَ". فاللفظ يجيء كثيرا مخالفاً للمعنى. وهذا يدل عليه. قال الشاعر في ضمير اللام: [من الطويل وهو الشاهد الحادي والخمسون]:
على مثلِ أصحاب البعوضَةِ فَاخمِشي * لكِ الويلُ حُرَّ الوَجْهِ أو يَبْكِ من بكى
يريد "ليبكِ مَنْ بكى" فحذف [٣٥ب] وسمعت من العرب من ينشد هذا البيت بغير لام: [من الطويل وهو الشاهد الثاني والخمسون]:
فَيَبْكِ على المِنْجابِ أضيافُ قَفْرةٍ * سَرَوْا وأُسارى لم تُفَكَّ قيودُها
يريد: "فَلْيَبْكِ" فحذف اللام.

باب تفسير أنا وأنت وهو


باب تفسير أنا وأنت وهو.


وأما قوله ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [و] ﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ [٤١] فقال ﴿وَإيّايَ﴾ وقد شغلت الفعل بالاسم المضمر الذي بعده الفعل. لان كل ما كان من الأمر والنهي في هذا النحو فهو منصوب نحو قولك: "زيداً فَاضْرِبْ أَخاهُ". لان الامر والنهي مما يضمران كثيراً ويحسن فيهما الاضمار، والرفع ايضاً جائز على ان لا يضمر. قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثالث والخمسون]:
وقائِلَةٍ خولانَ فانكَحْ فتاتَهُمْ * وأُكْرومَةُ الحَيَّيْنِ خِلّوُكما هِيا


الصفحة التالية
Icon