وأما قوله ﴿يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنْكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ فانما هو على قوله "يَغْشى طائفةً منكم وطائفةٌ في هذهِ الحال". [و] هذه واو ابتداء لا واو عطف، كما تقول: "ضربتُ عبْدَ اللّهِ وزيدٌ قائم". وقد قرئت نصبا لأنها مثل ما ذكرنا، وذلك لانه قد يسقط الفعل على شيء من سببها وقبلها منصوب بفعل فعطفتها عليه وأضمرت لها فعلها فنصبتها به. وما ذكرنا في هذا الباب من قوله ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا﴾ [وقوله] ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ﴾ ليس في قوله ﴿فَاقْطَعُواْ﴾ و﴿فَاجْلِدُواْ﴾ خبر مبتدأ لان خبر المبتدأ هكذا لا يكون بالفاء. [فـ] لو قلت "عبدُ اللّهِ فَيَنْطَلِقُ" لم يحسن. وانما الخبر هو المضمر الذي فسرت لك من قوله "ومما نقص عليكم" وهو مثل قوله: [من الطويل وهو الشاهد الثالث والخمسون]:
وقائلةٍ خولانُ فانكحْ فتاتَهُم * [وأكرومةُ الحَيَّيْنِ خلوٌ كَما هِيا]
كأنه قال: "هؤلاءِ خَولانُ" كما تقول: "الهلالُ فانظرْ اليهِ" كأنك قلت: "هذا الهلالُ فانظُر إليه" فأضمر الاسم.
فأما قوله ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا﴾ فقد يجوز ان يكون هذا خبر المبتدأ، لان "الذي" اذا كان صلته فعل جاز ان يكون خبره بالفاء نحو قول الله عز وجل ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [٣٧ب] ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ ثم قال﴿فَأُوْلَائِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ﴾.
المعاني الواردة في آيات سورة ( البقرة )
﴿ وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾

باب الواو.



الصفحة التالية
Icon