قال ﴿وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً﴾ فنون اليوم لانه جعل "فيه" مضمرا، وجعله من صفة اليوم كأنه قال "يوماً لا تَجْزِى نفسٌ عن نفسٍ فيه شيئاً". وانما جاز إضمار "فيه" كما جاز اضافته الى الفعل تقول: "هذا يومُ يفعل زيد". وليس من الأسماء شيء يضاف الى الفعل غير اسماء الزمان، وذلك جاز اضمار "فيه". وقال قوم: "إنَّما أضمر الهاء اراد "لا تَجْزِيهِ" وجعل هذه الهاء اسما لليوم مفعولا، كما تقول: "رأيتُ رجلاً يحبُّ زيدٌ" تريد: "يحبُّه زيد". وهو في الكلام يكون مضافا، تقول: "اذكر يومَ لا ينفعُكَ شيء" أي: "يومَ لا منفعة" [٤٠ء] وذلك أن اسماء الحين قد تضاف الى لفعل قال ﴿هذايَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ﴾ أي "يومُ لا نطقَ"، وقد يجوز فيه "هذا يومُ لا ينطِقون" اذا أضمرت "فيهِ" وجعلته من صفة "يوم" لأنّ يوما نكرة وقد جعلت الفعل لشيء من سببه وقدمت الفعل. فالفعل يكون كله من صفة النكرة كأنك أجريته على اليوم صفة له اذا كان ساقطا على سببه، وقد قال بعضهم ﴿هذايَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ﴾ وكذلك ﴿هذايَوْمُ الْفَصْلِ﴾ وكل ما أشبه هذا فهو مثله. ولا يضاف الى الفعل شيء الا الحين، الا انهم قد قالوا [من الوافر وهو الشاهد الثامن والستون]:
بآيةِ تقدِمون الخيلَ زُورا * كأنَّ على سنابِكِها مُداما
[وقالوا] [من الوافر وهو الشاهد التاسع والستون]:
أَلا من مُبْلِغٌ عَنّي تَميماً * بآيةِ ما تُحِبّونَ الطَّعاما