أما قوله ﴿إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ [فـ] جعل "البَقَر" مذكرا مثل "التَمْر" و"البُسْر" كما تقول: "إنَّ زيداً تَكَلَم يا فَتَى" وان شئت قلت (يَشّابهُ) وهي قراءة مجاهد. ذكّر "البقر" يريد ﴿يَتَشابَهُ﴾ ثم أدغم التاء في الشين. ومن أَنَّث البقَر" قال ﴿تَشّابَهُ﴾ فادغم، وان شاء حذف التاء الاخرة ورفع كما تقول [٤٧ء] "إنَّ هذِهِ تَكَلَّمُ يا فَتِى" لانها في "تَتَشابَهُ" احداهما تاء "تَفْعَلُ" والاخرى التي في "تَشابَهَتْ" فهو في التأنيث معناه "تَفْعَلُ". وفي التذكير معناه "فَعَلَ" و "فَعَلَ" أبدا مفتوح كما ذكرت لك والتاء محذوفة اذا أردت التأنيث لانك تريد "تَشابَهَتْ" فـ" هي "تَتشابهُ" وكذلك كل [ما كان] من نحو "البَقَرِ" ليس بين الواحد والجماعة [فيه] الا الهاء، فمن العرب من يذكره ومنهم من يؤنثه، ومنهم من يقول: "هي البُرُّ والشعير" وقال: ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ﴾ فأنث على تلك اللغة وقال "باسقات" فجمع لان المعنى جماعة. وقال الله جل ثناؤه ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ﴾ فذكر في لغة من يذكر وقال ﴿وَيُنْشِىءُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ فجمع على المعنى لان المعنى معنى سحابات. وقال ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَنْظُرُ إِلَيْكَ﴾ وقال ﴿وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾ على المعنى واللفظ.
وقد قال بعضهم: ﴿إنَّ الباقِرُ﴾ مثل "الجامِل" يعني "البَقَرَ" و"الجِمالَ" قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد السابع والثمانون]:
مالِي رأيتُكَ بعد أَهْلِكَ مُوحِشا * خَلِقاً كَحَوْضِ الباقِرِ المُتَهَدِّمِ
وقال: [من الطويل وهو الشاهد الثامن والثمانون]
[فَإِنْ تَكُ ذا شاءٍ كَثِيرٍ فإنَّهُمْ] * ذَوُو جامِلٍ لا يَهْدَأُ اللَّيْلَ سامِرُهُ


الصفحة التالية
Icon