قال ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ﴾ فهذه اللاّم لام التوكيد وهي منصوبة تقع على الاسم الذي تقع عليه "إنَّ" اذا كان بينها وبين "إِنَّ" حشو نحو هذا. [و] هو مثل: "إنَّ في الدارِ لَزَيْداً". وتقع أيضاً في خبر "إنَّ" وتصرف "إِنَّ" الى الابتداء، تقول: "أَشْهَدُ إنَّهُ لَظَريفٌ "قال الله عزَّ وجلِ ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ [٤٨ب] لَكَاذِبُونَ﴾ وقال ﴿أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ [٩] وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ [١٠] إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ﴾ وهذا لو لم تكن فيه اللام كان "أَنَّ رَبَّهُمْ" لان "أنَّ" الثقيلة اذا كانت هي وما عملت فيه بمنزلة "ذاكَ" أوْ بمنزلة اسم فهي أبدا "أَنَّ" مفتوحة. وإنْ لم يحسن مكانها وما عملت فيه اسم فهي "إنَّ" على الابتداء. ألا ترى إلى قوله ﴿اذْكُرُواْ نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ يقول: "اذْكُرُوا هذا" وقال ﴿فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ﴾ لانه يحسن في مكانه "لولا ذاكَ" وكل ما حسن فيه "ذاك" أنْ تجعله مكان "أنَّ" وما عملت فيه فهو "أَنَّ". واذا قلت ﴿يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ لم يحسن أَنْ تقول: "يَعْلَم لَذالِكَ". فان قلت: "اِطْرح اللام أَيضاً وقل "يُعْلَمُ ذَاكَ" فاللام ليست مما عملت فيه "إِنّ". واما قوله ﴿إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ﴾ فلم تنكسر هذه من اجل اللام [و] لو لم تكن فيها لكانت "إنَّ" أيْضاً لأَنَّهُ لا يحسن أَنْ تقول "ما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إلاّ ذَاكَ" و"ذاكَ" هو القصة. قال الشاعر: [من المنسرح وهو الشاهد التاسع والثمانون]:


الصفحة التالية
Icon