[٥٢ب] أُنِيخَتْ فألقتْ بَلْدَةً فَوْقَ بَلْدَةٍ * قَليلٌ بها الأَصْواتُ إلاَّ بُغامُها
وقال: [من الوافر وهو الشاهد الخامس والستعون]:
وَكُلُّ أخٍ مُفارِقُهُ أَخُوه * لَعَمْرُ إِبيكَ إلا الفَرْقَدانِ
ومثل المنصوب الذي في معنى "لكنْ" قول الله عز وجل ﴿وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ﴾ ﴿إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا﴾ وهو في الشعر كثير وفي الكلام. قال الفرزدق: [من الطويل وهو الشاهد السادس والتسعون]:
وما سَجَنُوني غيرَ أَني ابْنُ غالِبِ * وأَني من الأَثرَينَ غَيْرَ الزَعانِفِ
يقول: "ولكنَّني"، وهو مثل قولهم: "ما فيها أحدٌ إلا حماراً" لما كان ليس من أول الكلام جعل على معنى "لكنَّ" ومثله: [من الخفيف وهو الشاهد السابع والتسعون]:
ليسَ بَيْنِي وبينَ قيسٍ عِتابَ * غيرَ طَعْنِ الكُلا وَضَرْبِ الرِقابِ
وقوله: [من الطويل وهو الشاهد الثامن والتسعون]:
حَلَفْتُ يميناً غَير ذِي مَثْنَوِيَّةٍ * وَلا عِلْمَ إلاَّ حُسْنَ ظَنٍّ بِغَايِبِ
وبصاحب.

باب الجمع.


وأمّا تَثْقِيلُ ﴿الأَمَانِيُّ﴾ فلأن واحدها "أُمْنِيَّة" مُثْقَّل. وكلُّ ما كان واحده مثقلا مثل: "بُخْتِيَّة" و"بَخاتِيّ" فهو مُثَقَّل. وقد قرأ بعضهم ﴿إلاّ أَمانِي﴾ فخفف وذلك جائز لان الجمع على غير واحده وينقص منه ويزاد فيه. فأما "الأَثافِي" فكُلُّهُم يخفّفها وواحدها "أُثِفيَّة" مثقّلة [٥٣ء] وانما خففوها لانهم يستعملونها في الكلام والشعر كثيرا، وتثقيلها في القياس جائز. ومثل تخفيف "الأمانِي" قولهم: "مِفْتاح" و"مَفاتِح" وفي "مِعْطاء" "مَعاطٍ" قال الأخفش: "قد سمعت بلعنبر تقول: "صحارِيَ" و"مَعاطِيّ" فتثقل.
وقوله ﴿وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾ اي: فَماَّ هُمْ إلاّ يَظُنُّونَ".


الصفحة التالية
Icon