﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذامِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ﴾
﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ ﴾ يرفع "الويلُ" لانه اسم مبتدأ جعل ما بعده خبره. وكذلك "الوَيْحُ و"الوَيْلُ" و"الوَيْسُ" إذا كانت بعدهنّ هذه اللام ترفعهن. واما "التَعْسُ" و"البُعْدُ" وما أشبههما فهو نصب أبدا، وذلك أَنّ كل ما كان من هذا النحو تحسن أضافته بغير لام فهو رفع باللام ونصب بغير لام نحو ﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ و"وَيْلٌ لِزَيْدٍ" ولو ألقيت اللام قلت: "ويلَ زيدٍ" و"ويحَ زيدٍ" و"ويسَ زيدٍ"، فقد حسنت إضافته بغير لام فلذلك رفعته باللام مثل ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾. وأما قوله ﴿أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ﴾ و﴿أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ﴾ و﴿وَالَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ﴾ فَهذا لا تَحسن إضافتَهُ بغير لام. ولو قلت: "تَعْسَهُم" أو "بُعْدَهُم" لم يحسن. وانتصاب هذا كله بالفعل، كأنك قلت: "أَتْعَسَهُم اللّهُ تَعْساً" "وأَبْعَدَهُم اللّهُ بُعدا". واذا قلت "ويْلَ زيدٍ" فكأنك قلت [٥٣ب] "ألْزَمَهُ اللّهُ الوَيْلَ". وأما رفعك اياه باللام فانما كان لانك جعلت ذلك واقعا واجبا لهم في الاستحقاق. ورفعه على الابتداء، وما بعده مبني عليه، وقد ينصبه قوم على ضمير الفعل وهو قياس حسن، فيقولون: "وَيْلاً لزيد" و"وَيْحاً لِزيد". قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد التاسع والتسعون]:
كَسَا اللُؤْمُ تَيْماً خُضْرَةً في جُلُودها * فَوَيْلاً لِتَيْمٍ من سرابيلها الخُضْرِ
قال الاخفش: "حدثني عيسى بن عمر أنه سمع الاعراب ينشدونه هكذا بالنصب، ومنهم من يرفع ما ينصب في هذا الباب. قال أبو زُبَيدَ: [من الطويل وهو الشاهد المئة]:


الصفحة التالية
Icon