الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُباً}. واما ﴿وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ﴾ فنصب بـ"لَنْ" كما نصب بـ"أنْ" وقال [٥٤ب] بعضهم: إنما هي "أَنْ" جُعِلَتْ "لا" كأنه يريد "لا أَنْ يُخْلِفَ اللّهُ وَعْدَهُ" فلما كثرت في الكلام حذفت، وهذا قول، وكذلك جميعُ "لَنْ" في القرآن. وينبغي لمَنْ قال ذلك القول أن يرفع "أزيدٌ لَنْ تَضْرِبُ" لأنَّه في معنى "أزيدُ لا ضَرْبَ لَه". وكذلك ما نصب بـ"إذَنْ" تقول: "إذَنْ آتيَكَ" تنصب بها كما تنصب بـ"أَنْ" وبـ"لَنْ" فاذا كان قبلها الفاء أوْ الواو رفعت نحو قول الله عز وجل ﴿وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ وقال ﴿فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً﴾ وقد يكون هذا نصبا أيضاً عنده على اعمال "إذَنْ". وزعموا أنَّهُ في بعض القراءة منصوب وإنَّما رفع لأنَّ معتمد الفعل صار على الفاء والواو ولم يحمل على "إذَنْ"، فكأنه قال: "فَلا يُؤتُونَ الناسَ إذاً نَقِيرا" [و] "ولا تُمَتَّعُونَ إذَنْ" وقوله ﴿لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أنْ لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ﴾ [و] ﴿وَحَسِبُواْ أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ و ﴿أنْ لا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً﴾ فارتفع الفعل بعد "أنْ لا" لأنَّ ["أنْ"] هذه مثقّلة في المعنى، ولكنها خففت وجعل الاسم فيها مضمرا، والدليل على ذلك أنّ الاسم يحسن فيها والتثقيل. ألا ترى أنَّكَ تقول "أَفَلا يَرَوْنَ أنَّه لا يرجعُ إليهِمْ"، وتقول: "أَنَّهُمْ لا يَقْدِرونَ على شَيْء" [و] "أَنَّهُ لا تَكونُ [٥٥ء] فتنة". وقال ﴿آيَتكَ أنْ لا تُكَلِّمَ الناسَ﴾ نصب لأن هذا ليس في معنى المثقّل، انما هو ﴿آيَتُكَ أنْ لا تُكَلِّمَ﴾ كما تقول: ﴿آيتُكَ أَنْ تُكَلِّمَ﴾ وأدخلت ﴿لا﴾ للمعنى الذي أريد من النفي. ولو رفعت هذا جاز على معنى آيتك أنك لا تكلم، ولو نصب الآخر جاز على أن تجعلها "أنْ" الخفيفة التي تعمل في الأفعال. ومثل ذلك ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ﴾


الصفحة التالية
Icon