﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾
قوله ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ﴾.
وقوله ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ فجعله أَمْراً كأنّه يقول: "وإحساناً بالوالدينِ" أي: "أَحْسِنُوا إحْسانا".
وقال ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ فهو على أحد وجهين إمّا أَنْ يكون يراد بـ"الحُسْنِ" "الحَسَنَ" كما تقول: "البُخْل" و"البَخلَ"، وإمّا أنْ يكونَ جعل "الحُسْنَ" هو "الحَسَنَ" في التشبيه كما تقول: "إنَّما أَنْتَ أَكلٌ وشُرْبٌ". قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثامن بعد المئة]:
وَخَيْلٍ قدْ دَلَفْتٌ لَها بِخَيْلٍ * تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعٌ
"دَلَفْتُ": "قَصَدْتُ" [٥٧ء] فجعل التحية ضربا. وهذه الكلمة في الكلام ليست بكثيرة وقد جاءت في القرآن. وقد قرأها بعضهم ﴿حَسَنا﴾ يريد "قولوا لهم حَسَناً" وقال بعضهم ﴿قولوا للناسِ حُسْنى﴾ يؤنثها ولم ينّونها، وهذا لا يكاد يكون لا "الحُسْنى" لا يتكلم بها الا بالالف واللام، كما لا يتلكم بتذكيرها الا بالالف واللام [فـ] لو قلت: "جاءَني أَحْسَنُ وأَطْوَلُ" لم يَحْسُن حتّى تقول: "جاءَني الأَحْسَنُ والأَطْوَلُ" فكذلك هذا يقول: "جاءَتْنِي الحُسْنى والطُولى". إلاّ أَنهم قد جعلوا أِشياء من هذا أسماء نحو "دُنْيا" و "أُوْلَى". قال الراجز: [وهو الشاهد التاسع بعد المئة]:
* في سَعْيِ دُنْيا طالَ ما قَدْ مَدَّتِ *


الصفحة التالية
Icon