تكريماً له ورفعة لقدره عليه الصلاة والسلام ولعظيم منزلتة،
ولهذا( بعدما بين كفايته إياهم بالنصر والإمداد أمر بترتيب مبادي نصره وإمداده وتكرير الخطاب على الوجه المذكور لإظهار كمال الاعتناء بشأن المأمور به)(٢)
نداء الرب جل وعلا النبي عليه الصلاة والسلام أن يقوم بتحريض المؤمنين على القتال، ثم وعد الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن قاموا بذلك وصبروا في قتال الكفار أن الواحد من المؤمنين يقابل العشرة من الكفار، وذلك متى احتسبوا المؤمنين القتال في سبيل الله سبحانه وتعالى وثبتوا عند لقاء العدو.
وقوله سبحانه (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أشار لسبب انتصار المؤمنين على الكفار،
وهو أن المؤمنين يقاتلون في سبيل الله احتسابا للأجر وامتثالاً لأمر الله تعالى وطاعته وإعلاء لكلمته سبحانه، أما الكفار فهم يقاتلون غي سبيل الشيطان،
فلا يستحقون إلا القهر والخذلان، (٣).
(وقيل أن من لا يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر لا يؤمن بالمعاد والسعادة عنده ليست إلا هذه الحياة الدنيا فيشح بها ولا يعرضها للزوال بمزاولة الحروب وإقتحام موارد الخطوب فيميل إلى ما فيه السلامة فيفير فيغلب وأما من إعتقد أن لا سعادة في هذه الحياة الفانية وإنما السعادة هي الحياة الباقية فلا يبالي بهذه الحياة الدنيا )(٤).
وإلى ذلك يشير الإمام الطبري فيقول (أن المشركين قوم يقاتلون على غير رجاء ثواب ولا لطلب أجر ولا احتساب لأنهم لم يفقهوا أن الله موجب لمن قاتل احتسابا وطلب موعودا لله في المعاد ما وعد المجاهدين في سبيله فهم لا يثبتون إذا صدقوا في اللقاء خشية أن يقتلوا فتذهب دنياهم ). (٥)
( قال المفسرون لفظ هذا الكلام لفظ الخبر ومعناه الأمر والمراد يقاتلوا مائتين وكان هذا فرضا في أول الأمر ثم نسخ بقوله تعالى (الآن خفف الله عنكم ففرض على الرجل ) (٦)
ــــــــــــــــــ
(١) سورة الأنفال آية ٦٥
(٢) تفسير أبي السعود ج٤ ص٣٤