" إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة " أي : هؤلاء الذين يقبلون النذارة، وينتفعون بها، هم أهل الخشية لله بالغيب، الذين يخشونه في حال السر والعلانية، والمشهد والمغيب، وأهل إقامة الصلاة، بحدودها، وشروطها، وأركانها، وواجباتها، وخشوعها. لأن الخشية لله تستدعي من العبد، العمل بما يخشى من تضييعه العقاب والهرب مما يخشى من ارتكابه العذاب. والصلاة تدعو إلى الخير، وتنهى عن الفحشاء والمنكر.
" ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه " أي : ومن زكى نفسه بالتنقي من العيوب، كالرياء والكبر، والكذب والغش، والمكر والخداع، والنفاق، ونحو ذلك من الأخلاق الرذيلة، وتحلى بالأخلاق الجميلة، من الصدق، والإخلاص، والتواضع، ولين الجانب، والنصح للعباد، وسلامة الصدر، من الحقد والحسد، وغيرهما من مساوىء الأخلاق، فإن تزكيته، يعود نفعها إليه، ويصل مقصودها إليه، ليس يضيع من عمله شيء.
" وإلى الله المصير " فيجازي الخلائق على ما أسلفوه، ويحاسبهم على ما قدموه وعملوه، ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة، إلا أحصاها.
١٩*؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ؟ (الحجرات : ١٣ )
( وقال ألإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن الخطيب أبي حفص عمر بن كثير (٧٧٤ هـ ) رحمه الله
يقول تعالى مخبراً للناس أنه خلقهم من نفس واحدة وجعل منها زوجها، وهما آدم وحواء، وجعلهم شعوباً وهي أعم من القبائل، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والعمائر والأفخاذ وغير ذلك، وقيل: المراد بالشعوب بطون العجم، وبالقبائل بطون العرب، كما أن الأسباط بطون بني إسرائيل....