قوله تعالى: "كلا بل تكذبون بالدين" يجوز أن تكون "كلا" بمعنى حقا و"ألا" فيبتدأ بها. ويجوز أن تكون بمعنى "لا"، على أن يكون المعنى ليس الأمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير الله محقون. يدل على ذلك قوله تعالى: "ما غرك بربك الكريم" [الانفطار: ٦] وكذلك يقول الفراء: يصير المعنى: ليس كما غررت به. وقيل: أي ليس الأمر كما يقولون، من أنه لا بعث. وقيل: هو بمعنى الردع والزجر. أي لا وقتروا بحلم الله وكرمه، فتتركوا التفكر في آياته. ابن الأنباري: الوقف الجيد على "الدين"، وعلى "ركبك"، والوقف على "كلا" قبيح. "بل تكذبون" يا أهل مكة "بالدين" أي بالحساب، و"بل" لنفي شيء تقدم وتحقيق غيره. وإنكارهم للبعث كان معلوما، وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة.
﴿وإن عليكم لحافظين، كراما كاتبين، يعلمون ما تفعلون﴾
قوله تعالى: "وإن عليكم لحافظين" أي رقباء من الملائكة "كراما" أي علي؛ كقوله: "كرام بررة" [عبس: ١٦]. وهنا ثلاث مسائل:
الأولى: روي عن رسول الله ( (أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند حدى حالتين: الخراءة أو الجماع، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم [حائط] أو بغيره، أو ليستره أخوه). وروي عن علي رضي الله عنه قال: (لا يزال الملك موليا عن العبد ما دام بادي العورة) وروي (إن العبد إذا دخل الحمام بغير مئزر لعنه ملكاه).


الصفحة التالية
Icon