وهذا دليل عقلي على صدق رسول الله ﷺ وصحة ما جاء به فقال :" وإن كنتم " معشر المعاندين للرسول الرادين دعوته الزاعمين كذبه في شك واشتباه مما نزلنا على عبدنا هل هو حق أو غيره ؟ فهاهنا أمر نصف فيه الفيصلة بينكم وبينه وهو أنه بشر مثلكم ليس بأفصحكم ولا بأعلمكم وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم ولا يكتب ولا يقرأ فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله وقلتم أنتم أنه تقوله وافتراه فإن كان الأمر كما تقولون فأتوا بسورة من مثله واستعينوا بمن تقدرون عليه من أعوانكم وشهدائكم فإن هذا أمر يسير عليكم خصوصا وأنتم أهل الفصاحة والخطابة والعداوة العظيمة للرسول فإن جئتم بسورة من مثله فهو كما زعمتم وإن لم تأتوا بسورة من مثله وعجزتم غاية العجز ولن تأتوا بسورة من مثله ولكن هذا التقييم على وجه الإنصاف والتنزيل معكم فهذا آية كبرى ودليل واضح [ جلي ] على صدقه وصدق ما جاء به فيتعين عليكم اتباعه واتقاء النار التي بلغت في الحرارة العظيمة [ والشدة ] أن كانت وقودها الناس والحجارة ليست كنار الدنيا التي إنما تتقد بالحطب وهذه النار الموصوفة معدة ومهيأة للكافرين بالله ورسله فاحذروا الكفر برسوله بعدما تبين لكم أنه رسول الله...
وهذه الآية ونحوها يسمونها آيات التحدي وهو تعجيز الخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن قال تعالى :" قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا " وكيف يقدر المخلوق من تراب أن يكون كلامه ككلام رب الأرباب ؟ أم كيف يقدر الناقص الفقير من كل الوجوه أن يأتي بكلام ككلام الكامل الذي له الكمال المطلق والغنى الواسع من جميع الوجوه ؟ هذا ليس في الإمكان ولا في قدرة الإنسان وكل من له أدنى ذوق ومعرفة [ بأنواع ] الكلام إذا وزن هذا القرآن العظيم بغيره من كلام البلغاء ظهر له الفرق العظيم