صيحة واحدة مالها من فواق} فيستر الجبال فتكون سراباً، وترج الأرض بأهلها رجاً، وهي التي يقول الله تعالى: ﴿يوم ترجف الراجفة، تتبعها الرادفة، قلوب يومئذ واجفة﴾ فتكون الأرض كالسفينة الموبقة في البحر تضربها الأمواج تكفؤها بأهلها، وكالقنديل المعلق بالعرش ترجحه الأرواح فيمتد الناس على ظهرها، فتذهل المراضع وتضع الحوامل، ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب في وجوهها فترجع، ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضاً، وهي التي يقول الله تعالى: ﴿يوم التناد يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فماله من هاد﴾ فبينما هم على ذلك إذ انصدعت الأرض من قطر إلى قطر، ورأوا أمراً عظيماً، فأخذهم لذلك من الكرب ما الله أعلم به. ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل، ثم خسف شمسها وقمرها، وانتثرت نجومها ثم كشطت عنهم ـ قال رسول الله (: "والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك" قال أبو هريرة: فمن استثنى الله حين يقول ﴿ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله﴾ قال "أولئك الشهداء، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء، أولئك أحياء عند ربهم يرزقون، وقاهم الله شر ذلك اليوم وآمنهم، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه، وهو الذي يقول الله: ﴿ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد﴾"
وهذا الحديث قد رواه الطبراني وابن جرير وابن أبي حاتم وغير واحد مطولاً جداً، والغرض منه أنه دل على أن هذه الزلزلة كائنة قبل يوم الساعة أضيفت إلى الساعة لقربها منها، كما يقال أشراط الساعة ونحو ذلك، والله أعلم،
وقال آخرون بل ذلك هول وفزع وزلزال وبلبال كائن يوم القيامة في العرصات بعد القيام من القبور، واختار ذلك ابن جرير، واحتجوا بأحاديث:


الصفحة التالية
Icon