٥* (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتّقِ اللّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * وَاتّبِعْ مَا يُوحَىَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ إِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً * وَتَوَكّلْ عَلَىَ اللّهِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً) ) (الأحزاب : ١-٣ )
قال الفخر الرازي رحمه الله :
قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ﴾. في تفسير الآية مسائل: الأولى: في الفرق بين النداء والمنادى بقوله يا رجل ويا أيها الرجل، وقد قيل فيه ما قيل ونحن نقول قول القائل يا رجل يدل على النداء وقوله يا أيها الرجل يدل على ذلك أيضا وينبيء عن خطر خطب المنادي له أو غفلة المنادى أما الثاني: فمذكور... وأما الأول: فلأن قوله:( يَا أَيُّهَا) جعل المنادَى غير معلوم أوَّلاً فيكون كل سامع متطلِّعا إلى المنادي فإذا خص واحدا كان في ذلك إنباء الكل لتطلعهم إليه، وإذا قال يا زيد أو يا رجل لا يَلتفِت إلى جانب المنادي إلا المذكور... إذا علم هذا فنقول ﴿ أيها ﴾ لا يجوز حمله على غفلة النبي لأن قوله ﴿النبى ﴾ ينافي الغفلة لأن النبي ( خبير فلا يكون غافلا فيجب حمله على خطر الخطب. المسألة الثانية: الأمر بالشيء لا يكون إلا عند عدم اشتغال المأمور بالمأمور به إذ لا يصلح أن يقال للجالس اجلس وللساكت اسكت والنبي ( كان متقيا فما الوجه فيه؟ نقول فيه وجهان: احدهما: منقول وهو أنه أمر بالمداومة فإنه يصح أن يقول القائل للجالس اجلس ههنا إلى أن أجيئك، ويقول القائل للساكت قد أصبت فاسكت تسلم، أي دُم على ما أنت عليه والثاني: وهو معقول لطيف، وهو أن الملك يتقي منه عباده على ثلاثة أوجه : بعضهم يخاف من عقابه ؛ وبعضهم يخاف من قطع ثوابه ؛ وثالث يخاف من احتجابه. فالنبي لم يؤمر بالتقوى بالمعنى الأول ولا بالمعنى الثاني، وأما الثالث فالمخلص لا يأمنه ما دام في الدنيا. وكيف والأمور الدنيوية شاغلة والآدمي في