الدنيا تارة مع الله، وأخرى مقبل على ما لابد منه، وإن كان معه الله وإلى هذا إشارة بقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (الكهف : ١١٠ ) وبقوله (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ) (فصلت: ٦) يعني يرفع الحجاب عني وقت الوحي ثم أعود إليكم كأني منكم فالأمر بالتقوى يوجب استدامة الحضور الوجه الثاني: هو أن النبي ( كل لحظة كان يزداد علمه ومرتبته حتى كان حاله فيما مضى بالنسبة إلى ما هو فيه تركا للأفضل، فكان له في كل ساعة تقوى متجددة فقوله: ﴿ اتَّقِ اللَّهَ ﴾ على هذا أمر بما ليس فيه وإلى هذا أشار( بقوله: "من استوى يوماه فهو مغبون" ولأنه طلب من ربه بأمر الله إياه به زيادة العلم حيث قال: _(وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً) (طه : ١١٤ ) وأيضا إلى هذا وقعت الإشارة بقوله ( :"إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة" يعني يتجدد له مقام يقول الذي أتيت به من الشكر والعبادة لم يكن شيئا، إذا علم هذا فالنبي ( بحكم ﴿ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾ (الكهف : ١١٠ ) +(فصلت: ٦) كان قد وقع له خوف ما يسير من جهة ألسنة الكفار والمنافقين ومن أيديهم بدليل قوله تعالى: ﴿ َتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ﴾ (الأحزاب: ٣٧) فأمره الله بتقوى أخرى فوق ما يتقيه بحيث تنسيه الخلق ولا يريد إلا الحق وزاد الله به درجته فكان ذلك بشارة له، في ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾ أنت ما بقيت في الدرجة التي يقنع منك بتقوى، مثل تقوى الآحاد أو تقوى الأوتاد بل لا يقنع منك إلا بتقوى تنسيك نفسك ألا ترى أن الإنسان إذا كان