يخاف فوت مال إن هجم عليه غاشم يقصد قتله يذهل عن المال ويهرب ويتركه، فكذلك النبي ( أمر بمثل هذه التقوى ومع هذه التقوى لا يبقى الخوف من أحد غير الله... وخرج هذا مخرج قول القائل لمن يخاف زيد أو عمرا خف عمرا فإن زيدا لا يقدر عليك إذا كان عمرو معك فلا يكون ذلك أمرا بالخوف من عمرو فإنه يخاف وإنما يكون ذلك نهيا عن الخوف من زيد في ضمن الأمر بزيادة الخوف من عمرو حتى ينسيه زيدا. ثم قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ يقرر قولنا أي اتق الله تقوى تمنعك من طاعتهم. المسألة الثالثة: لِمَ خَصَّ الكافرين والمنافقين بالذكر مع أن النبي ( ينبغي أن لا يطيع أحدا غير الله؟ نقول لوجهين أحدهما: أن ذكر الغير لا حاجة إليه لأن غيرهما لا يطلب من النبي ( الاتباع، ولا يتوقع أن يصير النبي ( مطيعا له بل يقصد اتباعه ولا يكون عنده إلا مطاعا والثاني: هو أنه تعالى لما قال: ﴿ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ منعه من طاعة الكل لأن كل من طلب من النبي ( طاعته فهو كافر أو منافق لأن من يأمر النبي ( بأمرٍ أمرَ إيجاب، معتقدا على أنه لو لم يفعله يعاقبه بحق ؛ يكون كافرا. ثم قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ إشارة إلى أنّ التقوى ينبغي أنْ تكون عن صميم قلبك لا تُخفي في نفسك تقوى غير الله كما يفعله الذي يرى من نفسه الشجاعة حيث يخاف في نفسه ويتجلد، فإن التقوى من الله وهوعليم، وقوله: ﴿ حَكِيماً ﴾ إشارة إلى دفع وهم متوهم وهو أن متوهما لو قال إذا قال الله شيئا وقال جميع الكافرين والمنافقين مع أنهم أقارب النبي ( شيئا آخر ورأوا المصلحة فيه وذكروا وجها معقولا فاتباعهم لا يكون إلا مصلحة فقال الله تعالى إنه حكيم ولا تكون المصلحة إلى في قول الحكيم، فإذا أمرك الله بشيء فاتبعه ولو منعك أهل العالم عنه.