قال ابن عطية: قال لنا أبي رضي الله عنه: هذه من أرجى آية عندي في كتاب الله تعالى، لأن الله عز وجل قد أمر نبيه أن يبشر المؤمنين بأن لهم عنده فضلا كبيرا، وقد بيَّن تعالى الفضل الكبير في قوله تعالى: " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ) (الشورى : ٢٢ ) فالآية التي في هذه السورة خبر، والتي في "حم. عسق" تفسير لها. " وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ " أي لا تطعهم فيما يشيرون عليك من المداهنة في الدين ولا تمالئهم. " الْكَافِرِينَ ": أبي سفيان وعكرمة وأبي الأعور السلمي، قالوا: يا محمد، لا تذكر آلهتنا بسوء نتبعك. " وَالْمُنَافِقِينَ ": عبدالله بن أبي وعبدالله بن سعد وطعمة بن أبيرق، حثوا النبي ( على إجابتهم بتعلة المصلحة. " وَدَعْ أَذَاهُمْ " أي دع أن تؤذيهم مجازاة على إذايتهم إياك. فأمره تبارك وتعالى بترك معاقبتهم، والصفح عن زللهم؛ فالمصدر على هذا مضاف إلى المفعول. ونسخ من الآية على هذا التأويل ما يخص الكافرين، وناسخه آية السيف. وفيه معنى ثان: أي أعرض عن أقوالهم وما يؤذونك، ولا تشتغل به، فالمصدر على هذا التأويل مضاف إلى الفاعل. وهذا تأويل مجاهد، والآية منسوخة بآية السيف. " وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " أمره بالتوكل عليه وآنسه بقوله " وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " وفي قوة الكلام وعد بنصر. والوكيل: الحافظ القاسم على الأمر.
وقال السعدي رحمه الله :