فيتقطع قلب امرئ مسلم لما يرى من معاناة الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وإن أهمّ أسباب ما حلّ بها من ذل وصغار، بعدُها عن كتاب ربها جلّ جلاله، وإنّ أقوى الطرق لإخراجها عما هي فيه وأوثق الوسائل لرفع شأنها، وأضمن الأسباب لإعادة مجدها وكرامتها، إعادتُها إلى كتاب ربها سبحانه وتعالى تلاوة وتعلُّماً وتعليماً، وتدبراً، وإيماناً وعملاً، وتبليغاً وقد أخبر بهذا من أنزل عليه القرآن الكريم الناطقٌ بالوحي صلوات ربي وسلامه عليه قبل أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان (١).
فقد قال عليه الصلاة والسلام :(( إن الله يَرفَعُ بهذا الكتاب أقواماً ويَضَعُ به آخرين )) (٢).
ويشتمل هذا الكتاب العزيز على سور وآيات كثيرة عظيمة ولها فضائل كما بينت السنة... وأجلها سورة الإخلاص والفلق والناس... فالاهتمام بها تفسيراً وقراءة... وتعلماً وتعليماً... وتدبراً وتدارساً... وإيماناً وعملاً أوجب... والتمسك بها ألزم، والاعتصام بها أوكد إن رغبت الأمة في النجاة عما هي فيه من الشقاء، وفي نيل السعادة والفوز في الدارين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) انظر فضل آية الكرسي وتفسيرها للدكتور فضل إلهي [ص٥].
٢) أخرجه مسلم في صحيحه [ج١ص٥٥٩] من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
لأن الله تعالى أودع سورة الإخلاص في كتابه لِعظَمِهَا ولما فيها من المعاني الواضحة، وعظم تلك السورة وفضلها وكثرة فوائدها... مما يكسب القارئ عقيدة راسخة في إيمانه بربِّه، وتنزيه الله تعالى عن النقائص والعُيوب، ووصفه بصفات الكمال والرد على من خالف الحق في النفي والإثبات، وغير ذلك مما يعرف به سر تسمية السورة بسورة الإخلاص، ومعنى كونها ( تعدل ثلث القرآن)(١)... وأن حُبها يوجب دخول الجنة كما جاء في الحديث (٢).
فقد تضمنت هذه السورة العظيمة نفي نوعين عن الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon