وذكر مورديه ونهايتيه، وهما عوده على النفس، أو على أخيه المسلم، فجمع الحديث مصادر الشر وموارده في أوجز لفظ وأخصره وأجمعه وأبينه (٢).
فإذا عرف هذا فلنتكلم على الشرور المستعاذ منها في هاتين السورتين :
الشر الأول :

الشر العام في قوله ﴿ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ﴾ والشر مُسنَدٌ في الآية إلى المخلوق.
وقد دخل في قوله تعالى ﴿ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ﴾ الاستعاذة من كل شر في أي مخلوق قام به الشر من حيوان أو غيره، إنسياً كان أو جنياً، أو هامة أو دابة أو ريحاً أو صاعقة، أي نوع كان من أنواع البلاء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) حديث صحيح.
أخرجه أبو داود في سننه [ج١٣ص٤٠٦] والترمذي في سننه [ج٥ص٤٣٥] والنسائي في السنن الكبرى [ ج٤ص٤٠٨] والبخاري في الأدب المفرد [ج٢ص٦٨٢ ] وابن أبي شيبة في المصنف [ ج٩ص٧٢ ] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بإسناد صحيح.
٢) انظر بدائع التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن القيم الجوزية [ج٥ص٣٨٨].
و(ما) هنا فيها عموم تقييدي وصفي، لا عموم إطلاقي.
والمعنى : من شر كل مخلوق فيه شر، فعمومها من هذا الوجه.
وليس المراد الاستعاذة من شر كل ما خلقه الله، فإن الجنة وما فيها ليس فيها شر، وكذلك الملائكة والأنبياء فإنهم خير محض، والخير كله حصل على أيديهم.
فالاستعاذة من شر ما خلق تعم شر كل مخلوق فيه شر، وكل شر في الدنيا والآخرة، وشر شياطين الإنس والجن وشر السباع والهوام وشر النار والهواء وغير ذلك.
عن النبي - ﷺ - قال :( من نزل منزلا فقال : أعوذُ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شئ حتى يرتحل منه ) (١).
الشر الثاني : شر الغاسق إذا وقب : فهذا خاص بعد عام.
وقد قال أكثر المفسرين : إنه الليل.
والغاسق إذا وقب : الليل إذا أقبل ودخل، والوقوب : الدخول، وهو دخول الليل بغروب الشمس.


الصفحة التالية
Icon