١) انظر بدائع التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن القيم الجوزية [ج٥ص٤١٤] وتفسير سور الفلق للشيخ محمد بن عبد الوهاب [ص٢٥] والضوء المنير على التفسير للصالحي [ج٦ص٥٢١].
٢) أخرجه مسلم في صحيحه [ج٥ص٣١] والترمذي في سننه [ج٣ص٣٠٣].
خبيثة حاسدة، أثرت بها تلك النظرة، فأثرت في المحسود تأثيراً بحسب صفة ضعفه، وقوة نفس الحاسد، فربما أعْطَبَهُ وأهلكَهُ... وربما صرعه وأمرضه...
وهذه العين إنما تأثيرها بواسطة النفس الخبيثة... والأرواح الشريرة..
وهذا علم لا يعرفه إلا خواص الناس، والمحجوبون منكرون له...
والعاين والحاسد يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء.
فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذاه.
فالعائن : تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته.
والحاسد : يحصل له ذلك عند غيبة المحسود وحضوره أيضا.
ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده، من جماد أو حيوان أو زرع أو مال، وإن كان لا يكاد ينفك من حسد صاحبه، وربما أصابت عينه نفسه، فإن رؤيته للشئ رؤية تعجب وتحديق، مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في العين... قال الله تعالى : ؟ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ ؟.(١) إنه الإصابة بالعين، أرادوا أن يصيبوا بها رسول الله ﷺ.
قلت : النظر الذي يؤثر في المنظور قد يكون سببه شدة العداوة والحسد فيؤثر نظره فيه، كما تؤثر نفسه بالحسد، ويقوى تأثير النفس عند المقابلة، فإن العدو إذا غاب عن عدو فقد يشغل نفسه عنه، فإذا عاينه قُبلاً اجتمعت الهِمَّة عليه، وتوجهت النفس بكليتها إليه، فيتأثر بنظره، حتى إن من الناس من يسقط، ومنهم من يُحَمُّ، ومنهم من يُحمَلُ إلى بيته، وقد شاهد الناس من ذلك كثيراً...

(١) سورة القلم آية [ ٥١]


الصفحة التالية
Icon