وقد يكون سببه الإعجاب وهو الذي يسمونه بإصابة العين، وهو أن الناظر يرى الشئ رؤية إعجاب به أو استعظام، فتتكيف روحه بكيفية خاصة تؤثر في المعين، وهذا هو الذي يعرفه الناس من رؤية المعين فإنهم يستحسنون الشر ويعجبون منه فيصاب بذلك...
والمقصود : أن العائن حاسد خاص. وهو أضر من الحاسد. ولهذا ـ والله أعلم ـ إنما جاء في السورة ذكر السورة ذكر الحاسد دون العائن، لأنه أعم، فكل عائن حاسد ولابد، وليس كل حاسد عائنا، فإذا استعاذ من شر الحاسد دخل فيه العائن. وهذا من شمول القرآن وإعجازه وبلاغته.
وأصل الحسد : هو بغض نعمة الله على المحسود، وتمني زوالها.
فالحاسد عدو النعم. وهذا الشر هو من نفسه وطبعها، ليس هو شيئا اكتسبه من غيرها، بل هو من خبثها وشرها. بخلاف السحر، فإنه إنما يكون باكتساب أمور أخرى، واستعانة بالأرواح الشيطانية. فلهذا ـ والله أعلم ـ قرن في السورة بين شر الحاسد وشر الساحِر، لأن الاستعاذة من شر هذين تَعُمُّ كل شر يأتي من شياطين الإنس والجن، فالحسد من شياطين الإنس والجن، والسحر من النوعين.
وبقي قسم ينفرد به شياطين الجن، وهو الوسوسة في القلب. فذكره في السورة الأخرى، كما سيأتي الكلام عليها إن شاء الله. فالحاسد والساحر يؤذيان المحسود والمسحور بلا عمل منه، بل هو أذى من أمر خارج عنه، ففرق بينهما في الذكر في سورة الفلق.


الصفحة التالية
Icon