والوسواس إنما يؤذي العبد من داخل بواسطة مساكنته له، وقبوله منه. ولهذا يعاقب العبد على الشر الذي يؤذيه به الشيطان من الوساوس التي تقترن بها الأفعال، والعزم الجازم، لأن ذلك بسعيه وإرادته، بخلاف شر الحاسد والساحر فإنه لا يعاقب عليه إذ لا يضاف إلى كسبه ولا إرادته، فلهذا أفرد شر الشيطان في سورة، وقرن بين شر الساحر والحاسد في سورة، وكثيرا ما يجتمع في القرآن الحسد والسحر للمناسبة، ولهذا كان اليهود أسحر الناس وأحسدهم، فإنهم لشدة خبثهم : فيهم من السِّحر والحسد ما لَيس في غيرهم. وقد وصفهُم الله في كِتابه بهذا وهذا، فقال : ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (١).
إذ المقصود الكلام على أسرار هاتين السورتين وشدة حاجة الخلق إليهما، وأنه لا يقوم غيرهما مقامهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) سورة البقرة آية [١٠٢].
والشيطان يقارن الساحر والحاسد، ويحادثهما ويصاحبهما، ولكن الحاسد تعينه الشياطين بلا استدعاء منه للشيطان، لأن الحاسد شبيه بإبليس، وهو في الحقيقة من أتباعه، لأنه يطلب ما يحبه الشيطان من فساد الناس، وزوال نعم الله عنهم، كما أن إبليس حسد آدم لشرفه وفضله، وأبى أن يسجد له حسداً. فالحاسد من جند إبليس. وأما الساحر فهو يطلب من الشيطان أن يعينه ويستعينه، وربما يعبده من دون الله، حتى يقضي له حاجته، وربما يسجد له.


الصفحة التالية
Icon