السبب العاشر : وهو الجامع لذلك كله، وعليه مدار هذه الأسباب، وهو تجريد التوحيد.
فإذا جَرَّد العبد التوحيد فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله، بل يفرد الله بالمخافة وقد أمنه منه، وخرج من قلبه اهتمامه به، واشتغاله به وفكره فيه، وتجرد لله محبة وخشية وإنابة وتوكلاً واشتغالاً به عن غيره...
فالتوحيد حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) سورة فصلت آية [٣٤ ـ ٣٦].
٢) سورة القصص آية [٥٤].
هذه عشرة أسباب يندفع بها شر الحاسد والعائن والساحر، وليس له أنفع من التوجه إلى الله وإقباله عليه، وتوكله عليه وثقته به، وأن لا يخاف معه غيره، بل يكون خوفه منه وحده ولا يرجو سواه، بل يرجوه وحده، فلا يعلق قلبه بغيره، ولا يستغيث بسواه، ولا يرجو إلا إياه، ومتى علق قلبه بغيره ورجاه وخافه وُكِلَ إليه وخُذِل من جهته، فمن خاف شيئا غير الله سُلِّط عليه ومن رجا شيئا سوى الله خُذل من جهته وحُرِم خَيْره هذه سُنَّة الله في خلقه (١).
ولا يمكن حصر أجناس شره، فضلا عن آحادها، إذ كل شر في العالم فهو السبب فيه، ولكن ينحصر شره في ستة أجناس، لا يزال بابن آدم حتى ينال منه واحداً منها أو أكثر.
الشر الأول : شر الكفر والشرك، ومعاداة الله ورسوله، فإذا ظفر بذلك من ابن آدم برد أنينَه، واستراح من تعبه معه، وهو أول ما يريد من العبد، فلا يزال به حتى ينال منه، فإذا نال ذلك صَيَّره من جنده وعسكره... فصار من دُعاة إبليس ونُوَّابِه... فإن يئس منه من ذلك وكان ممن سبق له الإسلام في بطن أمه نقله إلى :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الصفحة التالية
Icon