قال ابن المنذر: واتفقوا جميعا على قبول شهادتهن مفردات فيما لا يطلع عليه الرجال كالحيض والولادة والاستهلال وعيوب النساء٢١٠، ولكنهم اختلفوا في العدد المقبول:
٧- فعند الجمهور لا بد من أربع.
٨- وعن مالك وبن أبي ليلى يكفي شهادة اثنتين.
٩- وعن الشعبي والثوري تجوز شهادتها وحدها في ذلك وهو قول الحنفية٢١١.
كما اختلفوا في بعض الصور التي يذهب البعض إلى أنها مما يطلع عليها الرجال كالرضاع حيث ذهب أبو حنيفة على أنه يجوز أن يطلع عليه محارم المرأة من الرجال فلا يثبت بالنساء منفردات كالنكاح، كما روي عنه أن شهادتهن منفردات لا تقبل في استهلال المولود عند الولادة بحجة أنه يكون بعد الولادة وخالفه في ذلك صاحباه وأكثر أهل العلم، لأنه يكون حال الولادة ويتعذر حضور الرجل فأشبه الولادة نفسها.
قال أبو عبيد أما اتفاقهم على جواز شهادتهن في الأموال فللآية المذكورة وأما اتفاقهم على منعها في الحدود والقصاص فلقوله تعالى: (فان لم يأتوا بأربعة شهداء)
وأما اختلافهم في النكاح ونحوه فمن ألحقها بالأموال فذلك لما فيها من المهور والنفقات ونحو ذلك ومن ألحقها بالحدود فلأنها تكون استحلالا للفروج وتحريمها بها٢١٢.
الحكم الثاني عشر: اليمين مع الشاهد:
تدل الآية على أن الشهادة نوعان: شهادة رجلين، وشهادة رجل وامرأتين وهذه الدلالة تقتضي حصر الحجة في ذلك، وأن اليمين مع الرجل الواحد لا يقوم بها الحق، والمسألة فيها قولان:
القول الأول: لا يجوز القضاء بالشاهد واليمين، وبه قال أبو حنيفة.
واستدلوا بما يلي:
١- أن الشهادة قسمان كما ذكرها الله في هذه الآية ولم يذكر الشاهد واليمين، فلا يجوز القضاء بالشاهد واليمين لأنه حينئذ يكون قسما ثالثا للشهادة مع أن الله لم يذكر لها إلا قسمين.
٢- حديث "شاهداك أو يمينه" ولا يجوز عليه( ألا يستوفي أقسام الحجة للمدعي لأنه وقت البيان.
القول الثاني: يجوز القضاء بالشاهد واليمين، وبه قال الجمهور.