كان هذا هو نقد الشوكاني لاستدلال البعض بالآية على حرمة الزيادة على أربع بيد أن انتقاد الشوكاني لا يسلم من النقاش إذ الآية"تدل كلها على معنى تكرير اسم العدد لقصد التوزيع كقوله تعالى: (أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ((فاطر: من الآية١) أي لطائفة جناحان ولطائفة ثلاثة ولطائفة أربعة والتوزيع هنا باعتبار اختلاف المخاطبين في السعة والطول... كقولك لجماعة: اقتسموا هذا المال درهمين درهمين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة على حسب أكبركم سناً"٢٤٤.
ولكن وإن سلم أن الآية تدل على جواز نكاح أربع فقط إلا أن الاستدلال بها على تحريم الزيادة بعيد، لأنها لا تدل بمنطوقها على ذلك الحكم لأن مجرد الاقتصار على أربع ليس كافيا في الاستدلال على الزيادة.
ولهذا جاء دليل السنة فقد ورد فيها عن ابن عمر رضي الله عنهما أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه فأمره النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتخير أربعا منهن٢٤٥.
ولصحة وصراحة الحديث أجمع العلماء على حرمة نكاح مازاد على الأربع.
وهنا شذوذان:
الشذوذ الأول: ذهب البعض إلى جواز نكاح تسع باعتبار أن الواو جامعة وجعل مثنى مثل اثنين وهكذا ثلاث ورباع فيكون العدد تسعة فكأنه قال: انكحوا مجموع هذا العدد المذكور٢٤٦ ونسبه بان العربي إلى قوم من الجهال ولم يعينهم ونسبه القرطبي إلى الرافضة وبعض أهل الظاهر، وقال الفخر الرازي : هم قوم سدى ولهذا لم يذكر الكثير من العلماء مخالفا أصلاً ٢٤٧.
وقد وصف القرطبي هذا القول بالجهالة٢٤٨ وقال الشوكاني فيه:"إنه جهل بالمعنى العربي"٢٤٩وهو كذلك لما يلي:-
١- أن العرب لا تدع لفظة قريبة مختصرة لتعبر عنها بألفاظ مطولة دون داع، فلم يعرف عن العرب أنها إذا أرادت مثلا تسعة تقول اثنان وثلاثة وأربعة بل تستقبح من يقول هذا ولا يقول تسعة، فالواو هنا بدل أي انكحوا ثلاثا بدلا من مثنى ورباع بدلا من ثلاث.