دل قوله تعالى: ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ( على أن من علم من نفسه أو خشي عدم عدله بين زوجاته في النفقة والقسم الاقتصار على واحدة أو على ملك اليمين وأنه أولى وأفضل لأنه أقرب إلى عدم الجور.
وجوب إيتاء الصداق
(وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئا(٤)ً(
اختلف في توجه الخطاب على قولين:
١- الأزواج : أمرهم الله تعالى بأن يتبرعوا بإعطاء المهور نحلة منهم لأزواجهم.
٢- الأولياء: فقد كان الولي يأخذ مهر المرأة ولا يعطيها شيئا فنهوا عن ذلك وأمروا أن يدفعوا ذلك إليهن.
قال القرطبي: "والأول أظهر فإن الضمائر واحدة وهي بجملتها للأزواج فهم المراد لأنه قال :(وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى( إلى قوله :(وآتوا النساء صدقاتهن نحلة( وذلك يوجب تناسق الضمائر وأن يكون الأول فيها هو الآخر"٢٥٣.
والنحلة هي العطية، فالصداق عطية من الله تعالى للمرأة وقيل : نحلة أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع وقال قتادة : معنى نحلة فريضة واجبة، ولا تعرض بين الأقوال فالنحلة عطية من الله فرضها على الزوج يعطوها لزوجاتهم من غير تنازع.
ثم أباح الله للأزواج ما طابت به نفوسهن أي عن رضا كامل لا يشوبه سخط وهذا هو سر التعبير بالطيبة، دون الهبة أو الإعطاء، لأن الزوج قد يمارس ضغوطا متنوعة كي يجعل الزوجة توافق على إعطائه المال فتعطيه محرجة أو لترتاح من ضغوطه، أو سوء خلقه ومعاشرته.
بيان الأحكام:
١- هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه٢٥٤.
٢- أن الصداق ليس في مقابلة الانتفاع بالبضع لأن الله تعالى جعل منافع النكاح من قضاء الشهوة والتوالد مشتركة بين الزوجين، ثم أمر الزوج بأن يؤتي الزوجة المهر فكان ذلك عطية من الله ابتداء٢٥٥.