هذه القصة أخرجها الإمام أحمد في مسنده وقد ضعفها بعض المحدثين بل ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات١٠ ورجح البيهقي وقفها على كعب١١، وأنكرها الرازي والقرطبي، في حين حسن إسنادها الحافظ ابن حجر١٢ والسيوطي وقال الهيثمي: أخرجه أحمد ورجاله رجال الصحيح١٣.
وهذان الملكان أنزلا لتعليم السحر إبتلاء من الله تعالى للناس، ولله تعالى أن يمتحن عباده بما شاء كما أمتحن قوم طالوت بالنهر١٤.
بيان الأحكام:
الحكم الأول: هل للسحر حقيقة وتأثير:
اختلف أهل الإسلام في تأثير السحر وهل له حقيقة وواقع أم لا على قولين:
الأول: ذهب المعتزلة ومن وافقهم إلى انه لا تأثير للسحر وأنه لا يخرج عن أن يكون: تمويها وتخييلا كأن يطير الساحر عصفورا ويخرج آخر كان قد أخفاه، أو يكون بمواطأة حيث يوكل الساحر من يطلع على أخبار الناس ثم يخبره فإذا ما جاء الزائر أخبره بشأنه، أو يكون نميمة ونحوها.
واستدلوا بما يلي:
١- قوله تعالى: (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى( فهو تخييل لا حقيقة له.
٢- قوله تعالى: (ولا يفلح الساحر حيث أتى( فنفى الله عنه الفلاح فلن يستطيع قلب الأشياء.
القول الثاني: ذهب جمهور أهل السنة إلى قدرة الساحر على قلب الأشياء.
واستدلوا بما يلي:
١- قوله تعالى:(فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ( فأثبتت الآية وجود تأثير للسحر فهو يفرق بين الرجل وزوجته.
٢- قوله تعالى: (من شر النفاثات في العقد( وتدل هذه الآية على تأثير السحر ولهذا أمرنا بالاستعاذة من شر السواحر.
المناقشة والترجيح:
مما ساقه كل قول من أدلة يتبين رجحان قول الجمهور إذ أدلتهم واضحة في كون الساحر له قدرة على التأثير وقلب الأعيان كما حدث مع سحرة فرعون.
أما أدلة القول الأول فمناقشة بما يلي: