وحجة مالك أن إيناس الرشد لا يتصور من المرأة إلا بعد اختبار الرجال، وأما أقاويل أصحابه فضعيفة مخالفة للنص والقياس أما مخالفتها النص فإنهم لم يشترطوا الرشد وأما مخالفتها للقياس فلأن الرشد ممكن تصوره منها قبل هذه المدة المحدودة٢٦٤.
أما كيفية الاختبار فيكون بتفويض التصرفات التي يتصرف فيها أمثال اليتيم فإن كان من أولاد التجار فوض إليه البيع والشراء فإذا تكررت منه فلم يغبن ولم يضيع ما في يده فهو رشيد وإن كان من أولاد الدهاقين والكبراء الذين يصان أمثالهم عن الأسواق دفعت إليه نفقة مدة لينفقها في مصالحه فإن كان قيما بذلك يصرفها في مواقعها ويستوفي على وكيله ويستقصى عليه فهو رشيد والمرأة يفوض إلى ربة البيت من استئجار الغزالات وتوكيلها في شراء وأشباه ذلك فإن وجدت ضابطة لما في يديها مستوفية من وكيلها فهي رشيده٢٦٥.
ويشترط تكرر الاختبار مرتين أو أكثر بحيث يغلب على الظن رشده فلا يكفي مرة لأنه قد يصيب فيها اتفاقا ووقته٢٦٦.
وقد اتفق الفقهاء على أن الصغير لا يدفع إليه ماله حتى يبلغ سن الاحتلام ويؤنس منه الرشد فإن وجد أحدهما دون الآخر لم يجز تسليم المال لهذه الآية، ولأبي حنيفة خلاف سيأتي.
بيد أن الشافعي يجعل الرشد صلاح الدين والمال وأبو حنيفة يخصه بصلاح المال فقط، وبكلا القولين قال ناس من المفسرين، وسبب الخلاف يرجع إلى معنى الرشد.
الحكم الثاني: الحجر على الكبير:
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الكبير يحجر عليه كما يحجر على الصغير إذا كان سفيها.
وذهب أبو حنيفة إلى أن من بلغ خمسا وعشرين سنة سلم له ماله سواء كان رشيدا أو غير رشيد.
والراجح قول الجمهور لأن المدار على السفه لا على السن، وما يحكى من أن أبا حنيفة قال بأنه يصير في هذه السن جدا وهو يستحي أن يحجر على جد حجة غير سديدة لأنه لا علاقة بالجدودة بما نحن فيه.


الصفحة التالية
Icon