ثم إن الصبي إنما منع منه ماله لفقدان العقل الهادي إلى حفظ المال وكيفية الانتفاع به فإذا كان هذا المعنى قائما بالشيخ والشاب كانا في حكم الصبي فوجب أن يمنع دفع المال إليهما ما لم يؤنس منهما الرشد٢٦٧.
ولهذا قال القرطبي بأن هذا التعليل يدل على ضعف هذا القول٢٦٨.
الحكم الثالث: هل يباح للوصي أن يأكل من مال اليتيم؟
في قوله تعالى: ( وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ( تقسيم الأوصياء إلى صنفين:
١- غني: أمره الله بالاستعفاف.
٢- فقير: يجوز له الأكل من مال اليتيم بالمعروف
ولكن وقع بين أهل العلم خلاف في دلالة هذه الآية نذكرها في الأحكام اللاحقة.
الحكم الرابع: استعفاف الغني:
العفة : الامتناع عما لا يحل، وقد اختلف أهل العلم في دلالة أمر الغني بالاستعفاف على قولين:
القول الأول: الوجوب: فلا يجوز للغني أن يأخذ من مال اليتيم بأي حال من الأحوال.
القول الثاني: الندب: أي الأفضل له ألا يأخذ، فإذا ما أخذ يجوز له ويكون أجرة في مقابل العمل، أي إذا أراد أن يأخذ أجر مثله جاز له إذا كان له عمل وخدمة أما إذا كان عمله مجرد التفقد لليتيم والإشراف عليه فلا أجر له٢٦٩.
الحكم الخامس: هل يجوز للفقير الأكل من مال اليتيم؟
في هذه المسألة قولان:
القول الأول: لا يجوز له الأكل مطلقا، واستثنى أبو حنيفة وصاحباه من المنع حالة السفر فقالوا: لا يأخذ إلا إذا سافر من أجل اليتيم يأخذ قوته في السفر.
وافترق هؤلاء في تأويل هذه الآية إلى أقوال:
الأول: إن له أن يأخذ من مال اليتيم قرضا بقدر ما يحتاج إليه ثم إذا أيسر قضاه وهذا قول ابن جبير ومجاهد.
الثاني: ذهبت إلى أن ذلك حق اليتيم ينفق عليه من ماله بحسب حاله، وهو بعيد لا ينتظم مع قوله: (ومن كان غنيا فليستعفف(.