الثالث: ادعى نسخ هذه الآية بقوله تعالى بعدها: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما(٢٧٠ وهذا مروي عن ابن عباس قال ابن الجوزي: "ولا يصح"٢٧١.
القول الثاني: يجوز للفقير الأكل بالمعروف من مال اليتيم وهذا قول الجمهور.
وحجتهم الآية الكريمة.
المناقشة والترجيح:
ما قاله الجمهور هو الراجح بنص القرآن، وادعاء النسخ بعيد لعدم التعارض بين الآيتين "وهو تخصيص لعموم النهي عن أكل أموال اليتامى في الآيتين السابقتين للترخيص في ضرب من ضروب الكل وهو أن يأكل الوصي الفقير من مال محجوره بالمعروف، وهو راجع إلى إنفاق بعض مال اليتيم في مصلحته، لأنه إذا لم يعط الفقير بالمعروف ألهاه التدبير لقوته عن تدبير مال محجوره"٢٧٢.
الحكم السادس: معنى الأكل بالمعروف:
في الأكل بالمعروف أربعة أقوال:
أحدها: أنه الأخذ على وجه القرض وهذا مروي عن عمر وابن عباس.
والثاني: الأكل بمقدار الحاجة من غير إسراف وهذا مروي عن ابن عباس والنخعي
والثالث: أنه الأخذ بقدر أجرة المثل وهو مذهب مالك٢٧٣.
والرابع: له أقل الأمرين من أجرته أو قدر كفايته، وهذا مذهب الشافعي٢٧٤ وأحمد٢٧٥.
وعلل بأن الوصي يستحقه بالعمل والحاجة جميعا فلم يجز أن يأخذ إلا ما وجدا فيه.
الحكم السابع : هل على الفقير الآكل الضمان إذا أيسر؟
ذكرنا أن للفقير الذي لا يجد ما يكفيه وتشغله رعاية مال اليتيم عن تحصيل الكفاية أن يأخذ قدر كفايته بالمعروف من غير إسراف، ولكن هل عليه الضمان إذا أيسر أقوال:
القول الأول: أنه لا ضمان عليه وهو قول الشعبي والنخعي.
وعلل قولهم بأن الله تعالى أمر بالأكل من غير ذكر عوض، بل هو عوض عن عمله فلم يلزمه بدله كالأجير والمضارب٢٧٦.
القول الثاني: إذا أيسر وجب عليه القضاء روي عن عمر وغيره.
وعلل هذا القول بأنه استباحه بالحاجة من مال غيره فلزمه قضاؤه كالمضطر إلى طعام غيره٢٧٧.


الصفحة التالية
Icon