وأما أنهما بكران دون الثيبين فلأن الله ذكر حكمين: أحدهما: الحبس في البيوت والثاني الإيذاء ولا شك أن من حكم عليه بالأول خلاف من حكم عليه بالثاني، والشرع يخفف في البكر ويشدد في الثيب ولذلك لما نسخ هذا الحكم جعل للثيب الرجم وللبكر الجلد فجعلنا الحكم الشديد وهو الحبس على الثيب والحكم الأخف وهو الإيذاء على البكر٢٩٤.
وقد نسخ حكم هذه الآية بآية النور فجعل حكم الزانيين البكرين جلد مائة.
وذهب أبو مسلم إلى أنه لا نسخ -بناء على مذهبه المعروف- لحكم الآيتين بل الآية التي قبل هذه في السحاقات وهن النساء اللاتي يستمتع بعضهن ببعض وحدهن الحبس.
وهذه الآية في اللائطين وحدهما الإيذاء، وأما حكم الزناة فبين في سورة النور.
وزيف هذا القول لما يلي:
١- بأنه لم يقل به أحد.
٢- انه لا أمكان له في الأولى ويأباه الأمر باستشهاد الأربعة فإنه غير معهود في الشرع فيما عدا الزنا٢٩٥
٣- بأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اختلفوا في حكم اللوطي ولم يتمسك أحد منهم بهذه الآية، وعدم تمسكهم بها مع شدة احتياجهم إلى نص يدل على الحكم دليل على أن الآية ليست في ذلك
٤- جعل الحبس في البيت عقوبة السحاق مما لا معنى له، لأنه مما لا يتوقف على الخروج كالزنا فلو كان المراد السحاقات لكانت العقوبة لهن عدم اختلاط بعضهن ببعض لا الحبس والمنع من الخروج فحيث جعل هو عقوبة دل ذلك على أن المراد باللاتي يأتين الفاحشة الزانيات٢٩٦
هذا وقد اختلف المفسرون في تفسير الأذى على أقوال:
١- التوبيخ والتعيير
٢- السب والجفاء من دون تعيير.
٣- النيل باللسان والضرب بالنعال٢٩٧.
توبة الزاني هل تسقط الحد؟
اختلف الفقهاء فيما لو تاب الزاني قبل أن يقام عليه الحد هل يسقط بسبب هذه التوبة؟ قولان:
القول الأول: يسقط الحد، وهو أحد قولي الشافعي ورواية عن أحمد٢٩٨.


الصفحة التالية
Icon