لما نهى الله سبحانه فيما تقدم عن عادات أهل الجاهلية في أمر اليتامى والأموال عقبه بالنهي عن الإستنان بنوع من سننهم في النساء أنفسهن أو أموالهن٣٠١ فقد كان الرجل في الجاهلية يموت فيرث ابنه امرأة أبيه كما يرث أمه لا تستطيع أن تمتنع فإن أحب أن يتخذها اتخذها كما كان أبوه يتخذها وإن كره فارقها وإن كان صغيرا حبست عليه حتى يكبر فإن شاء أصابها وإن شاء فارقها أو زوجها من أحب وأخذ مهرها فكانوا يرثونها كما يرثون المال، فأنزل الله هذه الآية فبين بذلك أنها ليست متعا يورث.
والمعنى على هذا: لا يحل لكم أن ترثوا آباءكم وأقاربكم نكاح نسائهم وهن لذلك كارهات.
فترك ذكر الآباء والأقارب والنكاح ووجه الكلام إلى النهي عن وراثة النساء اكتفاء بمعرفة المخاطبين بمعنى الكلام إذ كان مفهوما معناه عندهم.
واخرج ابن جرير عن الزهري أنه هذه الآية نزلت في ناس من الأنصار كانوا إذا مات الرجل منهم فأملك الناس بامرأته وليه فيمسكها حتى تموت فيرثها٣٠٢.
والظاهر الأول لأن مآل الثاني بيان أنهم ليسوا من ورثتها وذلك معلوم من آيات الميراث فإنها بينت من ترث بخلاف حمله على المعنى الأول فإنه يؤدي معنى جديدا٣٠٣.
الحكم الثاني: حرمة عضل المرأة:
العضل لغة هو المنع، وقد اختلف العلماء فيمن خوطب بقوله (ولا تعضلوهن( على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه خطاب للأزواج، ثم في العضل الذي نهى عنه ثلاثة أقوال:
١- أن الرجل كان يكره صحبة امرأته ولها عليه مهر فيحبسها ويضربها لتفتدي قاله ابن عباس.
٢- أن الرجل كان ينكح المرأة الشريفة فلعلها لا توافقه فيفارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه ويشهد على ذلك فإذا خطبت فأرضته أذن لها وإلا عضلها قاله ابن زيد
٣- أنهم كانوا بعد الطلاق يعضلون كما كانت الجاهلية تفعل أي أن الرجل كان يطلق المرأة ثم يراجعها ثم يطلقها كذلك أبدا إلى غير غاية يقصد إضرارها حتى نزلت الطلاق مرتان البقرة ٢٢٩فنهوا عن ذلك روي عن ابن زيد أيضا.